فلعل مستند من قال: إنه أسلم قوله في هذا الحديث: يا رسول اللَّه.
وفي مسند أحمد، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن واقد بن عمرو بن سعد ابن معاذ، عن أنس، قال: بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بعثا إلى أكيدر دومة، فأرسل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بجبّة من ديباج منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، ثم قام على المنبر- أو جلس- فجعل الناس يلمسونها ... الحديث.
وأخرجه التّرمذيّ والنّسائيّ من هذا الوجه.
وأخرجه أحمد أيضا من طريق علي بن زيد، عن أنس: أهدى أكيدر دومة للنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم جرّة من منّ، فأعطى لكل واحد قطعة ... الحديث.
وروى ابن مندة أيضا من طريق علي بن إسحاق، قال: حدثنا رزق بن أبي رزق بن صدقة بن مهدي بن حريث بن أكيدر بن عبد الملك، قال: حدثنا أشياخنا- يعني آباءهم- أن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم خرج بالناس غازيا إلى تبوك، فذكر حديثا طويلا، قال: ورواه غيره، فقال: عن آبائه عن أجداده إلى أكيدر.
قال أحمد بن حنبل: أكيدر هذا هو أكيدر دومة، فتمسّك ابن مندة لكونه أسلم بروايته، وفيها نظر.
وقد ذكر ابن إسحاق قصته في «المغازي» ، قال: حدثنا يزيد بن رومان، وعبد اللَّه بن أبي بكر- أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك، رجل من كندة، وكان على دومة، وكان نصرانيّا، فقال: إنك ستجده يصيد البقر ... فذكر القصة مطوّلة.
وفيها: فقتل خالد حسان أخا أكيدر، وقدم بأكيدر على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فحقن دمه، وصالحه على الجزية، وخلى سبيله، فرجع إلى مدينته.
وكذلك ذكر القصة نحو هذا عروة في المغازي في رواية ابن لهيعة، عن أبي الأسود عن عروة، فعلى هذا فقدومه المدينة في رواية قيس بن النعمان كان بعد ذلك.
وستأتي هذه القصة مطوّلة في ترجمة بجير بن بجرة الطائي في حرف الباء الموحدة إن شاء اللَّه تعالى.
وسيأتي كلام الباورديّ في ترجمة حريث بن عبد الملك، وهو أخو أكيدر في حرف الحاء.
وقال ابن حبيب في قول حسان في قصيدته اللامية المشهورة:
إمّا ترى رأسي تغيّر لونه ... شمطا فأصبح كالثّغام المحول