وقد ذكر البلاذريّ أنّ أكيدر دومة لما قدم على النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم مع خالد أسلم وعاد إلى دومة، فلما مات النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ارتدّ ومنع ما قبله، فلما سار خالد بن الوليد من العراق إلى الشّام قتله.
قال ابن الأثير: فعلى كل حال لا ينبغي أن يذكر في الصّحابة.
قلت: وذكر ابن الكلبيّ أنه لما منع ما صالح عليه أجلاه أبو بكر إلى الحيرة. ويقال:
بل أجلاه عمر.
وعمدة ابن مندة في أنه أسلم ما أخرجه من طريق بلال بن يحيى عن حذيفة- أن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم بعث بعثا إلى دومة الجندل، فقال: إنكم ستجدون أكيدر دومة خارجا
ثم ذكر حديث إسلامه، كذا وقع فيه، وقد رويناه في زيادات المغازي من طريق يونس بن بكير، عن سعد ابن أوس، عن بلال بن يحيى قال: بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أبا بكر على المهاجرين إلى دومة الجندل، وبعث خالد بن الوليد على الأعراب معه، وقال: انطلقوا فإنكم ستجدون أكيدر دومة يقتنص الوحش، فخذوه أخذا، فابعثوا به إليّ ولا تقتلوه. فمضوا وحاصروا أهلها، فأخذوه فبعثوا به إليه، ولم يذكر في هذه القصة أنه أسلم.
وروى أبو يعلى وابن شاهين من طريق عبيد اللَّه بن إياد بن لقيط: سمعت أبي إيادا يحدّث عن قيس بن النعمان الكوني، قال: خرجت خيل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فسمع بها أكيدر دومة الجندل، فانطلق إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، بلغني أن خيلك انطلقت، وإني خفت على أرضي ومالي فاكتبوا لي كتابا لا يعرضون في شيء هو لي، فإنّي أقرّ بالذي هو عليّ من الحق.
فكتب له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.
ثم إن أكيدر أخرج قباء من ديباج منسوج بالذّهب مما كان كسرى يكسوهم، فقال: يا رسول اللَّه. اقبل مني هذا، فإنّي أهديته لك. فقال: ارجع بقبائك، فإنّه ليس أحد يلبس هذا في الدّنيا إلا حرمه في الآخرة (١) .
فرجع به إلى رحله حتى أتى منزله، ثم إنه وجد في نفسه أن يردّ عليه هديته فرجع، فقال: يا رسول اللَّه، إنّا أهل بيت يشقّ علينا أن تردّ هديّتنا، فاقبل مني هديتي. فقال: ادفعه إلى عمر
- فذكر القصة.
(١) أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٤١٨٨٨ وعزاه الى ابن عساكر. وابن حجر في المطالب العالية حديث رقم ٢١٨٨ وابن عساكر في تاريخه ١/ ١١٦، ٣/ ٩٥.