أصحابه، وأقر كل من يكتب القرآن لنفسه في الوقت الّذي نهى فيه عن كتابة السنة
ففي الحديث «لا تكتبوا عنّي، ومن كتب عنّي شيئا غير القرآن فليمحه» (١) .
ثالثها: تشريع قراءة القرآن في الصّلاة، فرضا كانت أو نفلا، سرّا أو جهرا.. وتلك وسيلة فعّالة جعلت الصحابة يقرءونه ويسمعونه ويحفظونه.
رابعها: الترغيب في تلاوة القرآن في كل وقت، واقرأ قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢) .
ويقول النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: «الّذي يقرأ القرآن، وهو ماهر به مع السّفرة الكرام البررة والّذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه، وهو عليه شاقّ له أجران» (٣) .
وغير هذا الكثير والكثير مما حفل به القرآن والسنة.
فهل يعقل أنّ أصحاب محمد صلّى اللَّه عليه وسلم يتوافون لحظة بعد سماع ذلك عن قراءة القرآن؟!! خامسها: عناية الرّسول صلّى اللَّه عليه وسلم بتعليم القرآن وإذاعته ونشره إذ كان يقرؤه على النّاس على مكث كما أمره اللَّه.. وكان يرسل بعثات القرّاء إلى كل بلد يعلّمون أهلها كتاب اللَّه.. قال عبادة بن الصّامت: كان الرّجل إذا هاجر دفعه النبي صلّى اللَّه عليه وسلم إلى رجل منا يعلّمه القرآن.
سادسها: القداسة التي امتاز بها كتاب اللَّه عن كل ما سواه.. تلك القداسة التي تلفت الأنظار إليه، وتخلع همم المؤمنين به عليه، فيحيطون به علما، ويخضعون لتعاليمه عملا..
قال الشّيخ الزّرقانيّ: «ونحن نتحدّى أمم العالم بهذه الدّواعي التي توافرت في الصّحابة حتى نقلوا الكتاب والسنة وتواتر عنهم ذلك خصوصا القرآن الكريم.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع
الطويل :
غمرهم اللَّه برحمته ورضوانه.. آمين.
(١) أخرجه مسلم في الصحيح ٤/ ٢٢٩٨- ٢٢٩٩ كتاب الزهد والرقائق (٥٣) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم (١٦) حديث رقم (٧٢/ ٣٠٠٤) وأحمد في المسند ٣/ ١٢، ٢١، ٣٩، ٥٦ والدارميّ في السنن ١/ ١١٩- والحاكم في المستدرك ١/ ١٢٧ وابن عدي في الكامل ٣/ ٩٢٦، ٥/ ١٧٧١ وذكره ابن حجر في فتح الباري ١/ ٢٠٨، ٩/ ١٢، ١٤ والهندي في كنز العمال حديث رقم ٢٩١٦٨.
(٢) فاطر: ٢٩ .
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٠/ ٤٩٠.