كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيَةً فاصْطِيدا
والاثنين: هَذَانِ اللَّذَان، وللجميع: هَؤُلَاءِ الَّذين.
قَالَ: وَمِنْهُم من يقُول: هَذَانِ اللّذا.
فَأَما الَّذين أَسكنوا الذَّال وحذفوا الْيَاء الَّتِي بعْدهَا فإنّهم لما أَدخلوا فِي الِاسْم لَام المَعرفة طَرحوا الزّيادة الَّتِي بعد الذَّال وأُسكنت الذَّال، فَلَمَّا ثَنَّوْا حذفوا النُّون فأدخلوا على الِاثْنَيْنِ لحذف النُّون مَا أَدخلوا على الْوَاحِد بِإِسْكَان (الذَّال) ، وَكَذَلِكَ الْجَمِيع.
فَإِن قَالَ قائلٌ: أَلا قَالُوا: اللَّذُو، فِي الْجمع بِالْوَاو؟ فقُل: الصَّوَاب فِي الْقيَاس ذَلِك، وَلَكِن الْعَرَب اجْتمعت على (الَّذِي) بِالْيَاءِ، والجر وَالنّصب وَالرَّفْع سَوَاء.
وَأنْشد:
إنّ الَّذِي حانتْ بفَلْجٍ دِماؤُهم
همُ القومُ كلُّ الْقَوْم يَا أمَّ خالدِ
وَقَالَ الأخْطل:
أَبَنِي كُلَيْبٍ إِن عَمَّيَّ اللّذا
قتَلا الملوكَ وفكّكَا الأغْلَالَا
وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: اللّتا، وَالَّتِي. وَأنْشد:
هما اللّتا أَقْصَدني سَهْماهُما
وَقَالَ الخليلُ وسِيبَويه، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق لَهما: إنَّهُمَا قَالَا: (الَّذين) لَا يَظهر فِيهَا الْإِعْرَاب، تَقول فِي النَّصب وَالرَّفْع والجر: أَتَانِي الَّذين فِي الدَّار، وَرَأَيْت الَّذين فِي الدَّار، ومررت بالذين فِي الدَّار، وَكَذَلِكَ: الَّذِي فِي الدَّار.
قَالَا: وإنّما مُنِعا الْإِعْرَاب لأنّ الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون فِي أَوَاخِر الْأَسْمَاء، و (الَّذِي) و (الَّذين) مُبهمان لَا يَتِمّان إِلَّا بصِلاتهما، فَلذَلِك مُنِعا الْإِعْرَاب. وأصل (الَّذِي) : (لذ) فَاعْلَم على وزن (عَم) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا بالك تَقول: أَتَانِي اللَّذَان فِي الدَّار، وَرَأَيْت الَّذين فِي الدَّار؛ فتُعرب مَا لَا يُعْرب فِي الْوَاحِد فِي تَثْنِيَته، نَحْو: هَذَانِ، وهذين؛ وَأَنت لَا تُعربُ (هَذَا) و (لَا هَؤُلَاءِ) ؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن جَمِيع مَا لَا يُعْرب فِي الْوَاحِد مُشَبَّه بالحرف الَّذِي جَاءَ لِمَعْنى، فَإِن ثَنَّيْته فقد بَطَل شَبَهُ الحَرْف الَّذِي جَاءَ لِمَعْنى، لأنّ حُرُوف الْمعَانِي لَا تُثَنّى.
فَإِن قَالَ قائلٌ: فلِمَ مَنَعتْه الْإِعْرَاب فِي الْجمع؟ .
قلتُ: لأنّ الجَمْع لَيْسَ على حدّ التَّثْنية كالواحد، أَلا تَرى أنّك تَقُول فِي جَمْع (هَذَا) : هَؤُلَاءِ يَا فَتى، فَجَعَلته اسْما للْجمع، فَتبْنيه كَمَا بَنَيْتَ الْوَاحِد.
ومَن جَمع (الَّذين) على حد التَّثْنية قَالَ: جَاءَنِي الَّذُون فِي الدَّار، ورأيتُ الّذين فِي الدّار. وَهَذَا لَا يَنبغي أَن يَقع؛ لأنّ الجَمع يُسْتَثنى فِيهِ عَن حدّ التَّثْنية، والتَّثْنية