لَيْسَ لَهَا إِلَّا ضَرْبٌ وَاحِد.
ثَعلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: الأُلَى: فِي معنى (الَّذين) ؛ وأَنشد:
فَإِن الأُلَى بالطَّفّ مِن آلِ هاشِمِ
قَالَ ابنُ الأنباريّ: قَالَ ابْن قُتَيْبة فِي قَوْله عَزّ وجلّ: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً} (الْبَقَرَة: ١٧) مَعْناه: كَمثل الّذين اسْتَوْقَدُوا نَارا؛ ف (الَّذِي) قد يَأْتِي مُؤدِّياً عَن الْجَميع فِي بعض الْمَوَاضِع؛ واحْتَجّ بقوله:
إنّ الَّذِي حانَتْ بفَلْج دِماؤهم
قَالَ أَبُو بَكر: احْتجاجُه على الْآيَة بِهَذَا الْبَيْت غَلَطٌ؛ لِأَن (الَّذِي) فِي القُرآن اسمٌ وَاحِد رُبمَا أَدَّى عَن الجَمع فَلَا واحدَ لَهُ، و (الَّذِي) فِي الْبَيْت جَمْعٌ واحدُه (اللَّذ) وتَثْنيته (اللذا) وَجمعه (الَّذِي) .
وَالْعرب تَقول: جَاءَنِي الّذي تكلَّموا. وَوَاحِد (الَّذِي) : اللَّذ؛ وأَنْشد:
يَا ربّ عَبْس لَا تُبارِكْ فِي أَحَدْ
فِي قائمٍ مِنْهُم وَلَا فِيمَن قَعَدْ
إلاّ الَّذِي قامُوا بأَطْراف المَسَدْ
أَرَادَ: الّذين.
قَالَ أَبُو بكر: و (الّذي) فِي الْقُرْآن وَاحِد لَيْسَ لَهُ وَاحِد: و (الَّذِي) فِي الْبَيْت جَمعٌ لَهُ وَاحِد؛ وَأنْشد الفَراء:
فكنتُ والأمْر الّذي قد كِيدَا
كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيةً فاصْطِيدَا
وَقَالَ الأخْطل:
أَبني كُلَيب إنّ عَمَّيّ اللَّذا
قَتَلَا المُلُوكَ وفَكَّكَا الأَغْلَالَا
قَالَ: و (الَّذِي) يكون مؤدِّياً عَن الْجمع. وَهُوَ وَاحِد لَا وَاحِد لَهُ فِي مثل قَوْل النَّاس: أُوصي بِمَالي للَّذي غَزَا وحَجّ. مَعْنَاهُ: للغازين والحجّاج.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - أَحْسَنَ} (الْأَنْعَام: ١٥٤) .
قَالَ الفَرّاء: مَعْناه: تَمامًا للمُحْسنين، أَي تَمامًا للّذين أَحْسنوا. يَعْني أنّه تمَّمَ كتُبَهم بكتابه.
وَيجوز أنْ يكون المَعنى: تَمامًا على مَا أَحْسن، أَي تَمامًا للَّذي أَحْسَنه مِن العِلْم وكُتُب الله الْقَدِيمَة.
قَالَ: ومَعْنى قَوْله تعالَى: {كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً} (الْبَقَرَة: ١٧) أَي مَثَلُ هَؤُلَاءِ المُنافقين كَمثل رَجُلٍ كَانَ فِي ظُلْمة لَا يُبْصر من أَجلها مَا عَن يَمينه وشِماله وورائه وبَين يَدَيه، وأَوْقد نَارا فأَبْصر بهَا مَا حَوله من قذًى وأذًى، فَبينا هُوَ كَذَلِك طَفِئت نارُه فرجَع إِلَى ظُلْمته الأُولى، فَكَذَلِك المُنافقون كانُوا فِي ظُلمة الشِّرْك ثمَّ أَسْلموا فعرَفوا الخَيْر والشَّرَّ بِالْإِسْلَامِ، كَمَا عَرف المُستوقد لما طفِئت نارُه ورَجع إِلَى أَمْره الأَوّل.