إِذا قلت: إِنَّك لَتضربُ زيدا.
وَهَذِه اللَّام فِي الْأَمر أَكثر مَا تُستعمل فِي غير المُخاطب، وَهِي تجزم الفِعل، فَإِن جَاءَت للمُخاطب لم يُنْكر.
وَقَالَ الْفراء: رُوي أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي بعض الْمشَاهد: (لِتأخذُوا مَصَافّكم) . يُرِيد: خُذوا مَصافّكم.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} (يُونُس: ٨٥) .
أَكثر القُرّاء قرءوا بِالْيَاءِ.
ورُوي عَن زَيد بن ثَابت: {فَلْيَفْرَحُواْ} (يُونُس: ٥٨) . يُرِيد أَصْحَاب النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ خيرٌ مِمَّا يجمعُونَ، أَي ممّا يَجمع الكُفّار.
وقوّى قراءةَ أُبيّ (فَافْرَحُوا) وَهُوَ البِناء الَّذِي خُلق للأَمر إِذا واجَهْت بِهِ.
قَالَ الْفراء: وَكَانَ الكسائيّ يَعيب قَوْلهم فَلْتفرحوا، لِأَنَّهُ وَجده قَلِيلا فَجعله عَيْباً.
وَقَرَأَ يَعْقُوب الحَضْرميّ، بِالتَّاءِ، وَهِي جَائِزَة.
اللَّام الَّتِي هِيَ لِلْأَمْرِ فِي تَأْوِيل الْجَزَاء
من ذَلِك قَول الله تَعَالَى: {لِلَّذِينَءَامَنُواْ اتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا} (العنكبوت: ١٢) .
قَالَ الْفراء: هُوَ أَمر فِيهِ تَأْوِيل الْجَزَاء، كَمَا أَن قَوْله تَعَالَى: {النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لَا} (النَّمْل: ١٨) نَهْيٌ فِي تَأْوِيل الجَزاء، وَهُوَ كثير فِي كَلَام الْعَرَب؛ وَأنْشد:
فَقلت ادْعِي وأَدْعُ فإنّ أَنْدَى
لِصَوْتٍ أَن يُنَادِي داعِيان
أَي: ادْعِي ولأَدعُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِن دعوتِ دعوتُ.
ونحوَ ذَلِك قَالَ الزّجاج.
وَقَالَ: يُقرأ قَوْله: {اتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا} (العنكبوت: ١٢) بِسُكُون اللاّم وبكسرهما، وَهُوَ أمرٌ فِي تَأْوِيل الشَّرط.
الْمَعْنى: إِن تَتّبعوا سَبيلنا حَملنا خطاياكم.
لَام التوكيد
وَهِي تَتصل بالأسماء وَالْأَفْعَال الَّتِي هِيَ جوابات القَسَم وَجَوَاب إنّ.
فالأسماء كَقَوْلِك: إنّ زيدا لكريم.
وَالْأَفْعَال كَقَوْلِك: إنّه ليذُبّ عَنْك.
وَفِي الْقسم: وَالله لأصلّين، ورَبّي لأصُومَنّ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ} (النِّسَاء: ٧١) أَي: ممّن أَظهر الْإِيمَان لَمن يُبطِّىء عَن القِتال.
قَالَ الزّجاج: اللَّام الأولى الَّتِي فِي قَوْله ليبطِّئن لَام الْقسم، و (من) مَوْصُولَة بالجالب للقسم، كأنّ هَذَا لَو كَانَ كلَاما لَقلت: إنّ مِنْكُم لَمن أحْلِف بِاللَّه وَالله ليبطِّئنّ.
قَالَ: والنَّحويون مجمعون على أَن (مَا)