وَهُوَ صَحِيح كَمَا رَوى، وَهُوَ تَصْغِير (يَمْنَتَيْها) أَرَادَ: أَنَّهَا أَعْطَتْ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا بِيَمينها يمنةً، فصغّر (اليمنة) : يُمَيْنة، ثمَّ ثناها فَقَالَ: يُمَيْنتين.
وَهَذَا أحسن الْوُجُوه مَعَ السّماع.
وَفِي حَدِيث عُروة بن الزّبير أَنه قَالَ: لَيْمُنُك لَئِن كنت ابْتليت لقد عافَيْت، وَلَئِن كُنت أَخَذْت لقد أَبْقَيت.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله لَيْمُنُك، وأيْمُنُك، إِنَّمَا هِيَ يَمين، وَهِي كَقَوْلِهِم: يَمِين الله، كَانَ يحلفُونَ بهَا.
قَالَ امْرُؤ القَيس:
فقلتُ يَمينُ اللَّه أَبْرح قاعِداً
وَلَو ضَرَبُوا رأسِي لَدَيْك وأَوْصالِي
فَحلف بِيَمِين الله.
ثمَّ تجمع (الْيَمين) أَيْمناً؛ كَمَا قَالَ زُهير:
فتُجْمع أيمُنٌ منّا ومِنكم
بمُقْسَمة تَمُور بهَا الدِّمَاءُ
ثمَّ يحلفُونَ بأَيْمن الله فَيَقُولُونَ: وأيمن الله أفعل كَذَا وَكَذَا، وأَيْمُنك يَا رب، إِذا خَاطب ربَّه.
فعلى هَذَا قَالَ عُروة: لَيْمُنُك.
هَذَا هُوَ الأَصْل فِي (أَيمن الله) ثمَّ كثر فِي كَلَامهم وخفّ على ألسنتهم حَتَّى حَذفوا النُّون كَمَا حذفوها من (لم يكن) ، فَقَالُوا: (لم يَك) ، وَكَذَلِكَ قَالُوا: أَيم الله.
وفيهَا لُغَات سواهَا.
قلت: أحسن أَبُو عبيد فِي جَمِيع مَا قَالَ، إِلَّا أَنه لم يُفَسّر قَوْله: (أيْمُنُك) ، لم ضُمّت النُّون.
قَالَ: والعلّة فِيهَا كالعلّة فِي قَوْلهم: لعمرك، كَأَنَّهُ أُضمر فِيهَا يَمينٌ ثَان، فَقيل: وأَيْمُنك فلأَيمنكَ عَظِيمة، وَكَذَلِكَ: لَعَمْرك فَلَعَمْرك عَظِيم.
قَالَ: قَالَ ذَلِك الْفراء والأحمر.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ لَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - إِلَاهَ إِلَاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ} (النِّسَاء: ٨٧) كَأَنَّهُ قَالَ: وَالله الَّذِي لَا إلاه إِلَّا هُوَ ليجمعنَّكم.
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تَقول: أيم الله، وهيم الله.
الأَصْل: أَيمن الله، وقَلبت الْهمزَة هَاء، فَقيل: هَيم الله.
وَرُبمَا اكتفوا بِالْمِيم وحَذفوا سَائِر الْحُرُوف، فَقَالُوا: مُ الله ليفعلنّ كَذَا.
وَهِي لُغَات كلّها، وَالْأَصْل: يَمِين الله، وأَيْمن الله.
وَقَالَ بَعضهم: قيل للحلف: يَمِين، باسم: يَمِين الْيَد، وَكَانُوا يَبْسطون أَيْمَانهم إِذا حَلفوا، أَو تحالفوا وتعاقدوا وتبايعوا، وَلذَلِك قَالَ عُمر لأبي بكر: ابْسُط يدك أبَايعْك.
قلت: وَهَذَا صَحِيح، وَإِن صَحَّ أَن (يَمِينا)