علة اختلاف حركة كلمة (البر) في سورة البقرة
السُّؤَالُ
ـبرجاء إخباري سبب رفع كلمة البر في الآية الكريمة "وليس البرُ بأن تأتوا البيوت من أبوابها.." وسبب نصب كلمة البر في الآية الكريمة "ليس البرَ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ... " وجزاكم الله كل خير.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي قوله تعالى: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا البقرة:١٨٩
كلمة البر مرفوعة على القياس لأنها اسم ليس، وخبرها جملة "بأن تأتوا البيوت" وليس من أخوات كان
تدخل على الجملة الاسمية فترفع المبتدأ وتنصب الخبر.
وأما في قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب البقرة:١٧٧ .
فقد قرأ الجمهور "ليس البرُ" بالرفع، وهذا على القياس كما في الآية السابقة.
وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم بنصب البر على أنها خبر ليس، واسمها جملة "أن تولوا" والتقديم والتأخير في مثل هذا معهود عن العرب.
قال محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ويكثر في كلام العرب تقديم الخبر على الاسم في باب كان وأخواتها إذا كان أحد معمولي هذا الباب مركباً من أن المصدريه وفعلها كان المتكلم بالخيار في المعمول الآخر بين أن يرفعه وأن ينصبه، وشأن اسم ليس أن يكون هو الجدير بكونه مبتدأ به. فوجه قراءة رفع البر أن البر أمر مشهور ومعروف لأهل الأديان مرغوب للجميع، فإذا جعل مبتدأ في حالة النفي أصغت الأسماع إلى الخبر. وأما توجيه قراءة النصب فلأن أمر استقبال القبلة هو الشغل الشاغل لهم، فإذا ذكر خبره قبله ترقب السامع المبتدأ، فإذا سمعه تقرر في علمه. انتهى
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٥ جمادي الثانية ١٤٢٣