التوفيق بين (أخوف ما أخاف عليكم الشرك) و (لا أخشى عليكم أن تشركوا بعدي)
السُّؤَالُ
ـكيف نوفّق بين هذا الحديث: أخوف ما أخاف عليكم الشرك. وهذا حدبث صحيح , وبين هذا الحديث الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو قوله ... وإني لا أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها كما تنافس من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم، وهذا الحديث أيضاً صحيح, وهو في صحيح مسلم.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا تعارض بينه؛ كما قال ابن القيم رحمه الله: الإشكال في الأفهام لا في ما خرج من بين الشفتين من الكلام.
فالحديثان المذكوران يوفَق بينهما بأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الشرك هو أعظم ما يخاف منه على الأمة فهو يحبط الأعمال ويوجب الخلود في النار وحرمان الجنة إن كان شركا أكبر، ولكنه علم أن الصحابة رضوان الله عليهم لن يقع منهم الشرك لشدة تمكن الإيمان في قلوبهم.
ولكنه ستفتح عليهم الفتوحات ويملكون خزائن الدول المجاورة فيتنافسون في الدنيا، أو أن الأمة لن ترتد كلها جملة ولكن ستفتح عليها الفتوحات والخيرات فتتنافس في الدنيا.
قال النووي رحمه الله شرح حديث مسلم: ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي.
قال: وفي هذا الحديث معجرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك، وأنها لا ترتد جملة وقد عصمها الله تعالى من ذلك، وأنها تتنافس في الدنيا وقد وقع كل ذلك.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٦ محرم ١٤٢٩