وقال أبي (١): إنما أقامه في سوق المدينة، فتراه أخذه من عمر ثم أقامه على المكان يبيعه، وقد حمله عليه في سبيل اللَّه؟
قلت لأبي عبد اللَّه: فحديث ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى، كأنه عندك: إنما كان يصنع ذاك في ماله؟
قال: نعم، في ماله.
وقال: وأخبرني عبد الملك الميموني قال: ناظرنا أبا عبد اللَّه في قول ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى، فهو كسائر مالك. فقال أبو عبد اللَّه: ابن عمر يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الفرس الذي حمل عليه عمر وأراد شراءه: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ".
فظننت ابن عمر إنما أخذ هذا من هذا الحديث، أنه إذا أعطى شيئًا في السبيل فبلغ مثل ما قال ابن عمر وادي القرى، فهو كسائر ماله يفعل فيه كما يفعل في ماله.
قالوا لأبي عبد اللَّه: فإن أقام بالرقة ونحوها؟
قال يمضي لوجهه ذلك فيغزو ثم يكون له، لا يُرجع عليه فيه، وهو ملكه، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ".
وقد كان حمل عليه في السيبل، وإنما أراد شراءه بثمن.
فقلت: فكان الفرس قد مضى في السبيل ثم رد؟
قال: كذا يشبه أنه حمل عليه، فلما رد من وجهه دخل السوق وأراد شراءه فقال له: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ".
"الوقوف" (٣٢٣ - ٣٣٥)
(١) كذا بالمطبوع.