أَسْئِلَةٌ وَارِدَةٌ مَنِ التَّكْرُورِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَذَا كِتَابٌ فِيهِ أَسْئِلَةٌ مِنَ الْفَقِيرِ الْعَاصِي الْحَقِيرِ الْمُذْنِبِ الْمُنْكَسِرِ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ الْكَرِيمِ الْكَبِيرِ وَسَمَّيْتُهُ مَطْلَبَ الْجَوَابِ بِفَصْلِ الْخِطَابِ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَامِلِ الذَّاتِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الْأَزَلِيِّ الصِّفَاتِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى حَبِيبِهِ الْمُفَضَّلِ عَلَى سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ.
فَصْلٌ: رَدُّ الْجَوَابِ عَلَى مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ فَرْضٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ {أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} البقرة: 33 كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ فَرْضٌ كَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} البقرة: 32 وَكَذَلِكَ أَنْ نَخْضَعَ لِمَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ مَا لَمْ يُعَلِّمْهُ لَكَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا وَكَانُوا عِبَادًا مُكْرَمِينَ، وَأَبَى إِبْلِيسُ وَقِيلَ لَهُ: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} الحجر: 35 وَالسُّؤَالُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَرْضٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} النحل: 43 .
فَصْلٌ: نَسْأَلُ عَنْ قَوْمٍ عَادَةُ مُلُوكِهِمْ أَخْذُ الْأَمْوَالِ مِنْهُمْ بِعَادَةٍ مَعْرُوفَةٍ فِي زَمَنٍ مَعْرُوفٍ، وَأَكْثَرُهُ عِنْدَ ظُهُورِ الثُّرَيَّا أَوِ الشِّتَاءِ أَوِ الصَّيْفِ بِأَمْوَالٍ شَتَّى، مِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ كَالْمَنِّ، وَمِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنَ الدَّوْمِ حَتَّى حِبَالُهَا وَنِعَالُهَا وَحَصِيرُهَا وَيَفْرِضُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَالْبَلَدُ لِلْمُلُوكِ، وَمَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمْ فَيَجِيءُ عِنْدَهُمْ فَيُعْطِيهِمْ شَيْئًا ثُمَّ يَشْتَرِطُونَ عَلَيْهِ شُرُوطَهُمْ فَيُرْضُونَهُمْ، فَإِنَّ نَقَصَ شَيْءٌ مِنْ خَرَاجِهِمْ أَخَذُوهُ وَعَذَّبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ وَجَعَلُوا فِي بِلَادِهِمْ مَنْ أَرَادُوا.
فَصْلٌ: وَلَهُمْ عِنْدَ قَوْمٍ بَقَرَاتٌ وَشِيَاهٌ وَمَزَاوِدُ طَعَامٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْخَرَاجِ فِي كُلِّ زَمَنٍ مَعْرُوفٍ، فَمَنْ أَعْطَى وَإِلَّا ضَرَبُوهُ أَوْ نَفَوْهُ.
فَصْلٌ: وَيَأْتِيهِمْ سَادَاتُ قَوْمٍ وَكُبَرَاؤُهُمْ مَعَ جَمَاعَاتِهِمْ فَيَطْلُبُونَ الْبِلَادَ فَيَقُولُونَ لَهُمْ: إِنْ كَانَتْ عَادَتُنَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَأْتُوا بِقَبِيلَتِكُمْ فَلْنَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْكُمْ. يَحْكُمُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَمَرَّةً يَحْكُمُونَ لِمَنْ يُعْطِيهِمْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً أَوْ يَرْجُونَ مِنْهُ أَوْ يَخَافُونَ شَرَّهُ.