فَصْلٌ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَاصِمُ عَلَى الْأَحْرَارِ وَيَدْعُوهُمْ بِالْعَبِيدِ، فَإِنْ مَاتَ مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَقْسِمُوا بَيْنَ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يَدْعُوهُمْ مَنْ بَقِيَ بِاسْمِ الرِّقِّ، وَإِنْ قُلْتَ لَهُمْ: هَؤُلَاءِ أَحْرَارٌ كَادُوا يَقْتُلُونَكَ وَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ عَبِيدٌ أَتْبَاعٌ لِلسَّيْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُمْ كَالْخَدَمِ بِالضَّرْبِ وَالْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْخَرُ مِنْهُمْ وَيَأْخُذُ مِنْهُمُ الْأَمْوَالَ وَلَا يَضُرُّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهُمْ بِالتَّنَافُسِ وَالتَّنَازُعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤَمَّرُ عَلَى قَوْمٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْخَرَاجَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ الْمُلُوكُ، فَإِنْ أَبَوْا نَفَاهُمْ أَوْ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرَ أَوْ وُزَرَاءَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤَمَّرُ عَلَى بَلَدٍ فَيَتْرُكُهُ وَيَمْشِي إِلَى أَحْرَارِ قَبِيلَتِهِ حَيْثُ كَانُوا فَيَأْخُذُ مَا أَرَادَ حَتَّى يَكُونَ الْقِتَالُ فِي ذَلِكَ.
فَصْلٌ: وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُورَثُ فَمَا تَرَكَهُ بَعْدَهُ لِأَبْنَاءِ إِخْوَتِهِ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ وَالْجَاهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ أَمِيرًا عَلَى قَوْمٍ فَيُعْطِي الْمُلُوكَ مَالَهُ ثُمَّ يَجِيءُ عِنْدَهُمْ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ أَضْعَافَ ذَلِكَ.
فَصْلٌ: مِنْ بَعْضِ أَمْوَالِ الْمُلُوكِ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَكْسُ الْأَسْفَارِ وَالْأَسْوَاقِ عَلَى كُلِّ مَنْ جَاءَ بِالْخَيْلِ، أَوِ الْإِبِلِ، أَوِ الْبَقَرِ، أَوِ الْغَنَمِ، أَوِ الرَّقِيقِ، أَوِ الثِّيَابِ، أَوِ الطَّعَامِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْأَبْوَابِ عِنْدَ دُخُولِ قَوْمٍ أَوْ خُرُوجِهِمْ وَلَوْ بِحَطَبٍ.
فَصْلٌ: وَمِنْهُمْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ الْمُصَاحَبَةُ وَالْمُرَاسَلَةُ فَإِنْ قَتَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَوْ نَهَبُوهُمْ أَوْ قَطَعُوا عَلَيْهِمُ الطُّرُقَ لَمْ يُبَالُوا بِذَلِكَ إِنْ أَعْطَوْهُمْ شَيْئًا، وَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا أَغَرْتَ عَلَى الْكُفَّارِ وَآذَيْتَهُمْ آذَاكَ أَكْثَرَ مِمَّا آذَيْتَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَوْنًا لِلْكُفَّارِ وَضَعْفًا لِلْمُسْلِمِينَ.
فَصْلٌ: وَمِنْهُمْ مَنِ اخْتَارَ الْكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِسُكُونِ بِلَادِهِمْ أَوْ رِبْحِ تِجَارَتِهِ فِي أَرْضِهِمْ أَوْ سُكُونِ بَعْضِ أَقَارِبِهِمْ أَوْ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ مِنْ دُنْيَاهُمْ لَا يُبَالُونَ بِأَوَامِرِ اللَّهِ وَنَوَاهِيهِ إِلَّا حَيْثُ كَانَتِ اللُّقْمَةُ بَدَاءً.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَّا حَيْثُ كَانَ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ لَا يُعْطِي الْمَرْأَةَ صَدَاقَهَا أَصْلًا وَكَانَ ذَلِكَ عَادَةً فَلَيْسَ لَهُنَّ عِنْدَ الرِّجَالِ إِلَّا الذَّبِيحَةُ وَالنَّفَقَةُ.
فَصْلٌ: وَعَادَتُهُمْ عَدَمُ الْحَيَاءِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ بِالنِّسَاءِ وَخَلْوَتِهِمْ بِهِنَّ، وَاللَّعِبُ بِهِنَّ وَحَدِيثُهُنَّ وَرُؤْيَتُهُنَّ وَكَشْفُ زِينَتِهِنَّ، وَأَكْثَرُهُنَّ لِلْمِزْمَارِ وَالْعُودِ وَالْغِنَاءِ وَضَرْبِ الدُّفُوفِ