الْقِمَاطُ فِي جَانِبِي الْأَيْسَرِ فَهَمَمْتُ أَنْ أَبْكِيَ فَقَالَ الْقَمَرُ: لَا تَبْكِ يَا حَبِيبَ اللَّهِ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ دُمُوعِكَ قَطْرَةٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ تَنْشَقَّ عَنْ خَضْرَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَسَكَتَ شَفَقَةً عَلَى أُمَّتِي، فَصَفَّقَ العباس وَقَالَ: أَكُنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَنْتَ ابْنُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا؟ فَقَالَ: يَا عَمِّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ صَرِيرَ الْقَلَمِ عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَأَنَا فِي ظُلْمَةِ الْأَحْشَاءِ، أَفَأَزِيدُكَ يَا عَمِّ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ مَا مِنْهُمْ مِنْ نَبِيٍّ عَلِمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ حَتَّى بَلَغَ أَشُدَّهُ - وَهُوَ أَرْبَعُونَ سَنَةً - إِلَّا عِيسَى فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ مِنْ جَوْفِ أُمِّهِ قَالَ: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَابْنَ أَخِيكَ، أَفَأَزِيدُكَ يَا عَمِّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَمَّا وُلِدْتُ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى سَبْعَةَ جِبَالٍ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَلَأَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَيُقَدِّسُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَجَعَلَ ثَوَابَ تَسْبِيحِهِمْ وَتَقْدِيسِهِمْ لِعَبْدٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَزْعَجَ أَعْضَاءَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ» - ذَكَرُهُ فِي شَوَارِدِ الْمُلَحِ - وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَجَهَرَ بِهَا شَهِدَ لَهُ كُلُّ حَجَرٍ وَمَدَرٍ وَرَطْبٍ وَيَابِسٍ» ".
وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابًا مِنَ الْعَافِيَةِ» ".
وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " «أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا تَحُلُّ الْعُقَدَ وَتُفَرِّجُ الْكُرَبَ» ".
وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ قَاعِدًا غُفِرَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا غُفِرَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ» ".
وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " «مَنْ شَمَّ الْوَرْدَ الْأَحْمَرَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَقَدْ جَفَانِي» ". وَعَنْ أَنَسٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " «خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْوَرْدَ الْأَحْمَرَ مِنْ بَهَائِهِ، وَجَعَلَهُ رِيحًا لِأَنْبِيَائِهِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى بَهَاءِ اللَّهِ وَيَشُمَّ رَائِحَةَ الْأَنْبِيَاءِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْوَرْدِ الْأَحْمَرِ» ". وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: " «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَشُمَّ رَائِحَتِي فَلْيَشُمَّ الْوَرْدَ الْأَحْمَرَ» ".
لَطِيفَةٌ: يُسْتَحَبُّ إِكْثَارُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَكْلِ الرُّزِّ ; لِأَنَّهُ كَانَ جَوْهَرًا أُودِعَ فِيهِ نُورُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا خَرَجَ النُّورُ مِنْهُ تَفَتَّتَ وَصَارَ حَبًّا.
وَعَنْ علي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «كُلُّ شَيْءٍ أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ فِيهِ دَاءٌ وَشِفَاءٌ، إِلَّا الْأَرُزَّ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لَا دَاءَ فِيهِ» ".
لَطِيفَةٌ: قَالَ مُؤَلِّفُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: سَمِعْتُ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ لِبَعْضِ الْفُقَرَاءِ تَعَالَ كُلْ مِنْ هَذَا الْعَدَسِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: أَطْعِمُونِي مِنَ الرُّزِّ الْمَيْشُومِ. رَأَيْتُ فِي مَنَازِلِ الْأَنْوَارِ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ: