وإنما يفرق بين الذي يحسن عليه السكوت والذي لا يحسن في موضع غير هذا.
وإثبات النون قول الخليل رحمه الله.
وتقول: لا غلامين ولا جاريتي لك. إذا جعلت الآخر مضافا ولم تجعله خبرا له وصار الأول مضمرا له خبر، كأنك
قلت: لا غلامين في ملكك ولا جاريتي لك.
كأنك قلت: " ولا جاريتيك " في التمثيل. ولكنهم لا يتكلمون به.
فإنما اختصت " لا " في " الأب " بهذا كما اختصت " لدن " مع " غدوة " بما ذكرت لك.
ومن كلامهم أن يجري الشيء على ما لا يستعملونه في كلامهم نحو قولهم:
ملامح ومذاكير. لا يستعملون لا ملمحة ولا مذكارا، وكما جاء " عذيرك " على مثال ما يكون نكرة ومعرفة نحو: ضربا وضربك، ولا يتكلم به إلا معرفة مضافة وسترى نحو هذا إن شاء الله ومنه ما قد مضى.
وإن شئت قلت: لا غلامين ولا جاريتين لك إذا جعلت " لك " خبرا لهما، وهو قول أبي عمرو، وكذلك إذا قلت: لا غلامين لك. وجعلت لك خبرا لأنه لا يكون إضافة وهو خبر؛ لأن المضاف يحتاج إلى الخبر مضمرا أو مظهرا.
ألا ترى أنه لو جاز: تيم تيم عدي في غير النداء لم يستقم لك إلا أن تقول ذاهبون.
فإذا قلت: لا أبا لك فهاهنا إضمار مكان ولكنه ترك استخفافا واستغناء.
قال نهار بن توسعة اليشكري فيما جعله خبرا:
أبي الإسلام لا أب لي سواه
… إذا افتخروا بقيس أو تميم (1)
وإذا ترك النون فليس الاسم مع " لا " بمنزلة: خمسة عشر؛ لأنه لو أراد ذلك لجعل " لك " خبرا وأظهر النون أو أضمر خبرا ثم جاء بعدها ب (لك) توكيدا، ولكنه أجراه مجرى ما ذكرت لك في النداء؛ لأنه موضع حذف وتخفيف كما أن النداء كذلك.
وتقول أيضا- إن شئت- لا غلامين ولا جاريتين لك، ولا غلامين وجاريتين