فكما قبح أن تفصل بين المضاف والاسم المضاف إليه قبح أن تفصل يبن (لك) وبين المنفي الذي قبله.
لأن المنفي الذي قبله إذا جعلته كأنه اسم لم يفصل بينه وبين المضاف إليه، قبح فيه ما قبح في الاسم المضاف إلى اسم لم تجعل بينه وبينه شيئا؛ لأن اللام كأنها هاهنا لم تذكر.
ولو قلت هذا لقلت: لا أخا هذين اليومين لك، وهذا يجوز في الشعر؛ لأن الشاعر إذا اضطر فصل بين المضاف والمضاف إليه.
قال ذو الرمة (1):
كأنّ أصوات من إيغالهن بنا
… أواخر الميس أصوات الفراريج (2)
وإنما اختير الذي تثبت فيه النون في هذا الباب كما اختير في " كم " إذا قلت:
" كم بها رجلا مصابا " وأنت تخبر لغة من ينصب بها لئلا يفصل بين الجار والمجرور.
ومن قال: " كم بها رجل مصاب " فلم يبال القبح قال: لا يدي بها لك، ولا أخا يوم الجمعة لك ولا أخا- فاعلم- لك.
والجر في: كم بها رجل مصاب وترك النون في:
لا يدي بها لك قول يونس.
واحتجّ بأن الكلام لا يستغنى إذا قلت: كم بها رجل، والذي يستغنى به الكلام وما لا يستغنى به قبحهما واحد إذا فصلت بكل واحد منهما بين الجار والمجرور.
ألا ترى أن قبح: " كم بها رجل مصاب " كقبح " كم فيها رجل " ولو حسن بالذي لا يستغنى به الكلام لحسن بالذي يستغنى به، كما أن كل كلام حسن لك أن تفصل فيه بين العامل والمعمول فيه بما يحسن عليه السكوت حسن لك أن تفصل فيه بينهما بما يقبح عليه السكوت.
وذلك قولك: " إنّ بها زيدا مصاب وإنّ فيها زيدا قائم " وكان بها زيد مصابا وكان فيها زيد مصابا.