وردّ جازرهم حرفا مصرمة
… ولا كريم من الولدان مصبوح (1)
لما صار خبرا جرى على الموضع لأنه ليس بوصف ولا محمول على " لا " فجرى مجرى لا أحد فيها إلا زيد.
وإن شئت قلت: لا أحد أفضل منك في قول من جعلها " كليس " ويجريها مجراها ناصبة في الموضع وفيما يجوز أن يحمل عليها.
ولم تجهل " لا " التي " كليس " مع ما بعدها كاسم واحد لئلا يكون الرافع كالناصب وليس أيضا كل شيء يخالف بلفظه يجري مجري ما كان في معناه ".
قال أبو سعيد: اعلم أن " لا " إذا عملت كانت على وجهين:
أحدهما: أن تنصب ما بعدها وتبني معه إذا كان مفردا كنحو ما تقدم من قولنا لا رجل في الدار وإن كررتها وأردت إعمالها على هذا الوجه جاز وقلت: لا رجل ولا امرأة، ويكون جواب قوله: هل من رجل أو من امرأة؟
والوجه الثاني: أن ترفع ما بعدها من النكرات وتنصب أخبارها ولا تعمل إلا في نكرة ولا تفصل بينها وبين ما عملت فيه كقولنا: لا رجل أفضل منك وتكون محمولة على " ليس " في رفع الاسم ونصب الخبر وليس هذا بالكثير فيها، والكثير فيها أن تنصب، فلما جوز فيها رفع اسمها ونصب خبرها لم تخرج عن حكمها في أقوى حاليها وهو نصب الاسم ورفع الخبر، فلم يفصل بينها وبين ما عملت فيه ولم تعمل إلا في نكرة.
وعلى مذهب " ليس " حمل سيبويه:
فأنا ابن قيس لا براح (2)
وحذف الخبر كما يحذفه وهي ناصبة.
و (ما) في عملها إذا شبهت بليس أقوى من (لا) لأن " ما " إنما تدخل على مبتدإ وخبر وجعلت مثل " إن " في جواب اليمين. " إن " للإيجاب. " ما " للجحد فتدخل على جميع ما تدخل عليه " إن " وليست " لا " كذلك.
وأصلها أن تكون ناصبة عاطفة. والرافعة منها محمولة على الناصبة فأجريت مجراها.
وتدخل " لا " على المعارف والنكرات مكررة على أنها جواب كلام قد عمل بعضه في بعض من المبتدإ والخبر ويكرر فأعيد الجواب على التكرير الذي في السؤال وذلك