قولك: لا غلام عندي ولا جارية " ولا زيد في الدار ولا عمرو ".
وهو جواب: أغلام عندك أم جارية؟ وأزيد في الدار أم عمرو؟ وهذا سؤال من قد علم أن أحدهما عنده أو أحدهما
في الدار ولا يعرفه بعينه فسأل ليعرف بعينه، وإن كان المسؤول يعرف ما سأل عنه قال: زيد. إن كان زيد أو عمرو إن كان عمرو، وإن لم يكن في الدار واحد منهما قال: لا زيد ولا عمرو. وإن لم يكن عنده غلام ولا جارية قال: " لا غلام عندي ولا جارية ".
ولا يحسن أن تقول: لا زيد عندي .. من غير تكرير " لا " وذلك أن قولك: لا زيد عندي إنما هو جواب من قال: أزيد عندك؟ فكان حق الجواب أن يقول المجيب: نعم إن كان عنده. أو " لا " إن لم يكن عنده. ولا يزيد شيئا على " لا " كما لا يزيد شيئا على نعم.
وإن كرر فهو جواب كلام لا يجوز في جوابه " لا " ولا " نعم " لأنه جواب قولك:
أغلام عندك أم جارية؟ وهو سؤال موضوع على أن السائل قد علم أن أحدهما عنده وإنما سأل تعيينه، فإن كان الأمر كما اعتقد السائل في السؤال فالجواب أن يقال: غلام أو جارية، وإن يكن كما اعتقده السائل ولم يكن عنده واحد منهما قال: لا غلام عندي ولا جارية. فلذلك خالف التكرير الإفراد.
وقد أجاز الإفراد في الشعر وأنشد فيه:
أن لا إلينا رجوعها (1)
لأن المعنى الموجب منه لا يحتاج إلى تكرير لو قال: أنه إلينا رجوعها. لكان كلاما حسنا، فدخلت " لا " وعملت الجحد ولم تغير لفظ الموجب. وستقف من ذلك بعد هذا الباب على ما يحسن فيه الرفع ولا تحتاج " لا " إلى إعادة.
وأما قوله: " لا هيثم للمطي " و " قضية ولا أبا حسن لها " و " لا أمية بالبلاد " فالمعنى الذي يذكر مثل هذا الكلام عند حضوره وكونه هو الذي سوغ فيه التنكير؛ وذلك لأن الكلام إنما يقال لإنسان كان يقوم بأمر من الأمور وله فيه كفاية وغناء فحضر ذلك الأمر ولم يوجد ذلك الإنسان، ولا من يقوم به مثل قيامه. ولو وجد من يقوم مقامه لم نطلب.
فصار التقدير " لا مثل هيثم " ولا مثل أبي حسن " ولا مثل " أمية " ودخلت هذه الأسماء في