أهل الحجاز وبنو تميم.
وقوله: " لم يغذها الرسل ولا أيسارها " الرسل: اللبن. والهاء في " أيسارها " و " استجزارها " تعود إلى المرأة التي تقدم ذكرها. وإنما قال: ولا أيسارها وإن كان الأيسار أيسار اللحم؛ لأن الميسر لا يأكل منه إلا الضعيف الفقير منهم.
وتقويه الأبيات ب (ما أتاني زيد إلا عمرو) أن المنفي الذي ليس من جنس ما بعد إلا، يقدر فيه تقدير إسقاطه من اللفظ. وأن الاعتماد عليه في النفي على العموم وأنه يذكر ما يذكر من المنفي لتوكيد النفي فيه. ولأن يخرج من قلب السامع ذهاب الوهم إلى أنه قد فعل الفعل المنفي كأنك لم تذكر زيدا. ولم تذكر إخوانك وقلت: ما أتاني إلا عمرو.
وما أعانه إلا إخوانه على نحو ما تقدر في الأبيات فيكون قوله:
ما تغني الرماح مكانها ولا النبل
كأنه قال:
ما يغني إلا المشرفي المصمم
وقوله: " لأنها معارف " يريد: أن ما قبل " إلا " وما بعده معرفتان: أحدهما غير الأخرى وليست بمنزلة: " ما قام أحد إلا زيد ".
هذا باب ما لا يكون إلا على معنى (ولكن)فمن ذلك قوله تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ (1) أي: ولكن من رحم. وقوله عز وجل: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ (2) أي: ولكن قوم يونس، وقوله تعالى: فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ (3) أي: ولكن قليلا ممّن أنجينا منهم.
وقوله عز وجل: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ (4) أي لكنهم يقولون ربنا الله.
وهذا الضرب في القرآن كثير: