وما زال فيكم آل مروان منعم
… على بنعمى بادئ ثم عاطف
فإن كنت محبوسا بغير جريرة
… فقد أخذوني آمنا غير خائف
وما سجنوني غير أنّي ابن غالب
… وأني من الأثرين غير الزّعانف (1)
وذهب أبو العباس ومن ذهب مذهبه إلى أن معنى البيت (وما سجنوني إلا لأني ابن غالب) أي سجنوني حسدا لي على نسبي وشرفي.
قال أبو سعيد: يجوز تأول سيبويه على أنه كان مسجونا محبوسا. وذلك على أنه لم يعد سجنه سجنا؛ لأنه لم يبطل عزه ولم يلحقه ذلا. كما يقول القائل: تكلمت ولم تتكلم أي تكلمت بما لم يقع موقعا يؤثر فيه الكلام، فكأنه قال:
وما أذلوني بالسجن
… ولكني عزيز بنسبي ومحلي
وأما قول ابن دجاجة المازني:
من كان أسرع في تفرّق فالج (2)
فإن (فالجا) هذا فيما يذكره النسابون هو فالج بن ذكوان بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. انتقل إلى بني سليم فانتمى إلى ذكوان ابن بهتة بن سليم. وادعى نسبه فيهم؛ لأن قومه من آذوه فأحوجوه إلى الانتقال عنهم.
وقبل ذلك صنيع بني مازن ناشرة وآذوه حتى انتقل إلى بنى أسد. فدعا هذا الشاعر على من أسرع في تفرق فالج وآذاه، وأخرج عنهم مثل ناشرة؛ لأن أمثال ناشرة ما أسرعوا في تفرق فالج لأن ناشرة كان مظلوما مؤذ. فلم يدع الشاعر على أمثال ناشرة.
فكأنه قال: ولكن أمثال ناشرة ما أسرعوا في تفرق فالج. فليس يكون في أمثال ناشرة بدل ولا إخراج واحد من جمع وليس فيه إلا معنى: (لكن).
وأما قوله: لولا ابن حارثة الأمير. فإن قائل هذا الشعر: النابغة الجعدي. والذي رأيته في شعره:
لولا ابن عفان الإمام
...لقد أغضيت أيها المخاطب على شتمي، أي لولا منع ابن حارثة إياي من شتمك لقد شتمتك فأغضيت على شتمي. ولكن معرضا المحسر بكره في سبي مباح لي، ويسببني:
يكثر سبي. ويروى المجسر بكره: وهو أبلغ في ظلم معرض له. ويروى: المجشر بكره،