حدثت عن اثنين فعلامتهما: " هما ". وإن حدثت عن جميع فعلامتهم " هم "، وإن كان الجميع جميع مؤنث فعلامته: " هن ".
ولا يقع هو في موضع المضمر الذي في فعل، لو قلت: " فعل هو " لم يجز، إلا أن يكون صفة. ولا يجوز أن يكون " هما " في موضع الألف التي في ضربا، والألف التي في " يضربان "، لو قلت: " ضرب هما " أو " يضرب هما " لم يجز. ولا يقع " هم " في موضع " الواو " التي في " ضربوا "، ولا الواو التي مع النون في يضربون. لو قلت: " ضرب هم " أو " يضرب هم " لم يجز. وكذلك هي، لا تقع موضع الإضمار الذي في " فعلت "؛ لأنّ ذلك الإضمار بمنزلة الإضمار
الذي له علامة. ولا تقع هن في موضع النون التي في فعلن، ويفعلن، لو قلت: فعلت هي أو فعل هنّ لم يجز، إلا أن يكون صفة، كما لم يجز ذلك في المذكر؛ والمؤنث يجري مجرى المذكر.
ف (أنا)، وأنت، ونحن وأنتما، وأنتن، وهو، وهي، وهما، وهم، وهن لا يقع شيء منها في موضع شيء من العلامات مما ذكرنا، ولا في موضع المضمر الذي لا علامة له؛ لأنهم استغنوا بهذا فأسقطوا ذلك ".
قال أبو سعيد: أدخل الاسم المضمر في الكلام خوفا من اللبس، واحتراسا منه، ومن النحويين من يسميه المكنيّ؛ وذلك أن الأسماء الظاهرة كثيرة الاشتراك والالتباس، وليس لها أحوال تقترن بها تدل على المختص منها إذا التبست، وإنما يدل على اختصاص المختص منها في كثير من أحواله الصفات، كقولنا: مررت بزيد البزّاز، وبهذا الرجل، وبرجل ظريف.
والمضمرات تستغنى عن ذلك بالأحوال المقترنة بها، المغنية عن صفاتها، وهي ثلاثة أقسام: المتكلم والمخاطب، والغائب، والأحوال المقترنة بها: حضور المتكلم والمخاطب، والمشاهدة لهما، وتقدّم ذكر الغائب الذي يصيّره بمنزلة الحاضر المشاهد في الحكم.
وأعرفهم المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب. وإنما صار المتكلم أعرف لأنه لا يوهمك غيره.
فإن قال قائل: فقد يتكلم المتكلم فلا يعرفه السامع فيسأل عنه، فيقول: " من المتكلم؟ "، كما يقال: " من المخاطب؟ " إذا سمع خطاب لا يعرف المعنىّ به.
قيل له: المتكلم قد عرف حسّا، وإن جهل نبه؛ لأن الذي يسمع كلامه إن لم يكن بينهما حجاب فهو يعاينه، ويسمع كلامه، وإن كان بينهما حجاب فقد أحسّ كلامه