بسمعه إياه، فأما سؤاله عنه فكما يسأل الرجل عمن يعاينه، فيقول: من هذا؟ ومن الرجل؟ فيكشف ما ذكرناه أن رجلا محجوبا لو أحسّ بجماعة بقربه فسمع واحدا منهم يقول: أنا قتلت فلانا، وأنا فعلت وصنعت، علم أن القاتل هو المتكلم، لا يذهب وهمه إلى غيره، ولو سمع أنت قتلت فلانا لم يذهب وهمه إلى بعض من حضر دون بعض، والمخاطب يتلو المتكلم بالحضور والمشاهدة، وأضعفها تعريفا " كناية الغائب "؛ لأنها تكون كناية عن معرفة ونكرة، حتى قال بعض النحويين: " كناية النكرة بمنزلة النكرة ".
وأعرفهم المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب. وإنما صار المتكلم أعرف لأنه لا يوهمك غيره.
فإن قال قائل: فقد يتكلم المتكلم فلا يعرفه السامع فيسأل عنه، فيقول: " من المتكلم؟ "، كما يقال: " من المخاطب؟ " إذا سمع خطاب لا يعرف المعنىّ به.
قيل له: المتكلم قد عرف حسّا، وإن جهل نسبه؛ لأن الذي يسمع كلامه إن لم يكن بينهما حجاب فهو يعاينه، ويسمع كلامه، وإن كان بينهما حجاب فقد أحسّ كلامه بسمعه إياه، فأما سؤاله عنه فكما يسأل الرجل عمن يعاينه، فيقول: من هذا؟ ومن الرجل، ويكشف ما ذكرناه أن رجلا محجوبا لو أحسّ بجماعة بقربه فسمع واحدا منهم يقول: أنا قتلت فلانا، وأنا فعلت وصنعت، علم أن القاتل هو المتكلم، لا يذهب وهمه إلى غيره، ولو سمع أنت قتلت فلانا لم يذهب وهمه إلى بعض من حضر دون بعض، والمخاطب يتلو المتكلم بالحضور والمشاهدة، وأضعفها تعريفا " كناية الغائب "؛ لأنها تكون كناية عن معرفة ونكرة، حتى قال بعض النحويين: " كناية النكرة بمنزلة النكرة ".
فأما المتكلم فجعل له لفظ ينفرد به لا يشاركه فيه غيره كما لا يشاركه غيره في لفظه، وعبارته عن نفسه وغيره، إذ كان لا يجوز أن يكون كلام واحد من متكلّمين، ولفظ واحد من لافظين، ومن أجل ذلك يستوي لفظ المتكلم المذكر والمؤنث؛ لأنّ الفصل بين المؤنث والمذكر إنما يحتاج إليه لئلا يتوهّم غير المقصود في موضع المقصود، وتثنية المتكلم وجمعه على لفظ واحد، أما في الضمير المنفصل المرفوع فهو " نحن " في الاثنين والجميع.
وأما في الضمير المتصل المرفوع ب " نا " كقولك: " قمنا " و " ذهبنا " في الاثنين والجميع، وإنما يستوي لفظ الاثنين والجميع؛ لأنه على غير طريق التثنية والجمع في غيره.
وذاك أن المثنى هو شيئان متساويا اللفظ ضم أحدهما إلى الآخر " كزيد وزيد " و " رجل ورجل " وما أشبه ذلك.