أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (1) وهي لغة جيدة، نصبوها كما جرّوها حين قالوا: امرر على أيّهم أفضل، فأجراها هؤلاء مجرى الذي إذا قلت: اضرب الّذي أفضل؛ لأنّك تنزل أي ومن منزلة الذي في غير الجزاء والاستفهام.
وزعم الخليل أنّ أيّهم إنّما وقع في قولهم: اضرب أيّهم أفضل على أنه حكاية، كأنه قال: اضرب الذي يقال له أيّهم أفضل، وشبّهه بقول الأخطل:
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل
… فأبيت لا حرج ولا محروم (2)
وأما يونس فزعم أنه بمنزلة قولك: أشهد إنّك لعبد الله، واضرب معلّقة.
وأرى قولهم: اضرب أيّهم أفضل، على أنّهم جعلوا هذه الضمّة بمنزلة الفتحة في خمسة عشر، وبمنزلة الفتحة في الآن، ففعلوا ذلك بأيّهم حين جاء مجيئا لم تجيء أخواته عليه، واستعمل استعمالا لم تستعمله أخواته إلا ضعيفا. وذلك أنه لا يكاد عربي يقول: الذي أفضل فاضرب، واضرب من أفضل، حتى يدخل هو، ولا يقول:
هات ما أحسن، حتى يقول: هو أحسن. فلما كانت أخواته مفارقة له لا تستعمل كما استعمل خالفوا بإعرابها إذا استعملوه على غير ما استعملت عليه أخواته إلا قليلا.
كما أنّ يا ألله لما خالفت سائر ما فيه الألف واللام لم يحذفوا ألفه، وكما أنّ ليس لما خالفت ولم تصرّف تصرّف الفعل تركت على هذه الحال.
وجاز إسقاط هو في أيّهم كما كان: لا عليك، تخفيفا، ولم يجز في أخواته إلا قليلا ضعيفا.
وأمّا الذين نصبوا فقاسوه، وقالوا: هو بمنزلة قولنا: اضرب الذي أفضل، إذا آثرنا أن نتكلّم به، وهذا لا يرفعه أحد.
ومن قال: امرر على أيّهم أفضل قال: امرر بأيّهم أفضل؛ هما سواء: فإذا جاء أيّهم أفضل قال: امرر بأيّهم أفضل؛ هما سواء: فإذا جاء أيّهم مجيئا يحسن على ذلك المجيء أخواته ويكثر، رجع إلى الأصل وإلى القياس، كما ردّوا: ما زيد إلا منطلق إلى الأصل.
وتفسير الخليل ذلك الأول بعيد، إنما يجوز في شعر أو في اضطرار. ولو أسيغ