المفازة حتى أدخلها، فتنصب المفازة بقطعي لا بخبر كان؛ فإذا كان كذلك وجب النصب في (أدخلها) لا غير، ويكون خبر (كان) حتى، وهي تكون خبرا للمصدر الذي يمتد في الزمان إذا كانت غاية كقولك: سيري إلى الليل، وسيري حتى الليل، وسيري إلى أن أدخل، وسيري حتى أدخل؛ فإن جئت بخبر (كان)، جاز الرفع والنصب فقلت: كان سيري أمس سيرا متعبا حتى أدخلها، وأدخلها، فإن شئت جعلت (أدخلها) من صلة سيرا متعبا، وإن شئت جعلته من صلة كان سيري، وقدمته فقلت: كان سيري أمس حتى أدخلها سيرا متعبا.
والوجه الآخر أن تجعل (أمس) خبر سيري، كما تقول: كان القتال أمس، فإذا جعلته كذلك جاز الرفع والنصب في (حتى أدخلها).
وقوله: " ما بعد (حتى) لا يشرك الفعل الذي قبل (حتى) في موضعه كشركة الفعل الآخر الأول إذا قلت: لم أجئ فأقل ".
قال أبو سعيد: ((ليست (حتى) من حروف العطف في الأصل، وإنما عطف بها في الأسماء، الاسم الذي يصح أن يكون غاية كقولك: خرج القوم حتى زيد، كما تقول:
خرج القوم حتى زيد، ولو قلت: خرج القوم حتى شأنك لم يجز، ولو قلت: وشأنك، وفشأنك جاز؛ لأنهما حرفا عطف وضعا للاشتراك.
وإنما جاز العطف بحتى في الأسماء لأن الاسم المجرور بعد (حتى) داخل في الأسماء التي قبلها، فصار فيه معنى العطف بدخوله فيما دخل فيه ما قبله؛ وأما في الفعل فليس كذلك، وإنما شبّه بالفاء فيما مضى لاتصال الآخر بالأول، وأنهما قد وقعتا فيما مضى كقوله:
... … فإنّ المندّى رحلة فركوب (1)
لأن التندية والركوب قد وقعتا في الماضي من الأزمنة، والآخر كان مع فراغه من الأول)).
وقوله: " واعلم أن (أسير) بمنزلة سرت، إذا أردت بأسير معنى سرت ".
قال أبو سعيد: ((إنما يستعمل ذلك إذا كان الفاعل قد عرف منه ذلك الفعل خلقا وطبعا، ولا ينكر منه في المضي والاستقبال، ولا يكون لفعل فعله مرة من الدهر، من ذلك قول بعض بني سلول: