لا تظلموا الناس كما لا تظلموا
والذي رواه سيبويه بالتوحيد: لا تظلم الناس كما لا تظلم وليس في هذه الرواية حجة.
وأنشدوا بيت صخر الغي الهذلي:
جاءت كبير كما أحفّرها
… والقوم صيد كأنهم رمدوا (1)
والبصريون يروونه بالرفع: كما أحفّرها، والفراء اختار الرفع في بيت صخر الغي، وقال: احفرها بالنصب.
فأنشد الآخر:
يقلّب عينيه كما لأخافه
… تشاوس رويدا أتني من تأمل (2)
قالوا اللام في لأخافه توكيد لكما، وهذه لا حجة فيها لأن فيه تكلفا شديدا وحملا على وجه يقبح، والأولى والأظهر يقلب عينيه لكيما يخافه، وأنشدوا قول: عدي بن زيد:
اسمع حديثا كما يوما يحدثه
… عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا (3)
وذكر أن الرواة أجمعوا على رفع يحدثه إلا المفضل، فإنه كان ينصبه، واجتماع النحويين من الكوفيين والبصريين على رفعه حجة على المفضل، لأنه لم يكن في معرفة النحو كالمخالفين له.
وقال هشام بن معاوية: (كما) على معنى (كي) لكنها بمنزلة قولهم افعل كما يفعلون، وأنشد هشام:
وما زرتني في اليوم إلا تعلة
… كما القابس العجلان ثم يغيب
وقال معناه: كما ترون القابس، وأهر وجوه معاني (كما) فيما أنشده سيبويه في آخر الباب- معنى (لعل) كأنه قال:- لا تشتم الناس لعلك لا تشتم، وكذلك: أدن من لقائه، يريد من لقائه لحيدة لعلنا نغذي القوم من شوائه.
هذا باب نفي الفعلإذا قال: فعل فإن نفيه لم يفعل، وإذا قال: قد فعل فإن نفيه لمّا يفعل، وإذا قال:
لقد فعل فإن نفيه ما فعل لأنه كأنه قال: والله لقد فعل، فقال: والله ما فعل.