قول ابن مقبل:
وعلمي بأسدام المياه فلم تزل
… قلائص تخدي في طريق طلائح
وأنّي إذا قلت ركابي مناخها
… فإنّي على حظّي من الأمر جامح (1)
وإن جاء في الشعر: " قد علمت أنك إذا فعلت أنك سوف تغتبط " تريد معنى " الفاء " جاز. والوجه والحد ما قلت لك أول مرة. ونظير ذلك في الابتداء لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (2)، ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (3).
وبلغنا أن الأعرج (4) قرأ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) ونظيره البيت الذي أنشدتك.
قال أبو سعيد: أما قوله: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ (6) فأن إحدى الطائفتين هو المفعول الثاني " ليعدكم " والمفعول الأول: هو الكاف والميم في " يعدكم " و " أنها لكم " بدل من " إحدى الطائفتين " وهذا بدل
اشتمال كما تقول: وعدتك أحد الثوبين ملكه. و " ملكه " بدل من " أحد الثوبين ".
وقوله عز وجل: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (7) " أنهم " بدل من معنى جملة " كم أهلكنا قبلهم من القرون " لأمر إنكارهم.
لأن لفظ " كم " في التقدير: منصوب " بأهلكنا " إذا كانت " كم " في الاستفهام في مذهب " ربّ " لا يعمل فيها ما قبلها. فلو أبدلنا " أنهم " من لفظ " كم " صار العامل فيها " أهلكنا "