هذه الأسماء، لأنها ليست كالاسم الذي يشبه الفعل الذي في أوله زيادة، وليست في آخرها زيادة تأنيث وليس بفعل، ولا نظير له في الأسماء، فصار ما كان منه اسما ولم يكن جمعا ك " حجر " ونحوه، وما كان منه جمعا بمنزلة " كسر " و " إبر "، وما كان منه صفة بمنزلة قولك: هذا رجل عمل إذا أردت كثير العمل، وبمنزلة رجل جنب، ورجل سلك إذا كان خفيفا في عمله.
فأما " عمر " و " زفر " فإنهم منعهم من صرفها وأشباههما أنهما ليسا كشيء واحد مما ذكرنا، وإنما هما محدودان عن البناء الذي هو أولى بهما، وهو بناؤهما في الأصل، فلما خالفا بناءهما في الأصل تركوا صرفهما، وذلك نحو: " عامر " و " زافر "، ولا يجيء " عمر " وأشباهه محدودا عن البناء الذي هو أولى به، إلا وذلك البناء معرفة.
كذلك جرى هذا الكلام، فإن قلت: عمر آخر، صرفته؛ لأنه نكرة، فتحول عن موضع " عامر " معرفة.
وإن حقرته صرفته؛ لأن " فعيلا " يقع في كلامهم محدودا عن " فويعل " وأشباهه، كما لم يقع " فعل " نكرة محدودا عن " عامر " فصار تحقيره كتحقير " عمرو " كما صارت نكرته كصرد وأشباهه
... " هذا قول الخليل ".
قال أبو سعيد: اعلم أن عدل " فعل " عن " فاعل " و " فعال " عن " فاعلة " معنى مفهوم في كلامهم، يريدون به التوكيد والمبالغة، وذلك قولهم في النداء: يا فسق ويا فساق للأنثى، ويا خبث، ويا خباث، ويا غدر، ويا غدار يؤكدون فيها الخبث، والفسق، والغدر، وهي أسماء معارف بالنداء، وكذلك يعدلون في الأسماء الأعلام فيقولون: " عمر "، و " زفر " و " قثم "، وجشم، وما أشبه ذلك للمذكر.
و" حذام "، و " قطام "، و " رقاش "، وما أشبه ذلك للمؤنث، فوقع العدل عن هذه الأسماء الأعلام وهي معارف كما وقع في النداء، فإذا نكرته، فزال التعريف انصرف؛ لأنه لم يبق إلا العدل.
وإن صغّرته زال عن لفظ العدل وساوى تصغير " عمرو " فساوى ما ليس بمعدول.
وقد كان يجوز أن يصغر " عامر " على " عمير " بإسقاط الزائد من غير عدل، فأبطل التصغير مذهب العدل، ولم يكن
المصغر معدولا عن مصغر فيجتمع فيه في حال التصغير العدل والتعريف.