وسمى سيبويه " المعدول " " محدودا "؛ لأن المحدود عن الشيء هو الممنوع والمعدول عنه في نحو معناه.
وإنما قال: " هذا قول الخليل " يريد أن الخليل شرحه، وذكره على الترتيب الذي جاء به، ولم يرد أن له مخالفا خالفه.
قال: " وسألته عن " جمع " و " كتع " فقال: هما معرفة بمنزلة كلهم، وهما معدولتان عن جمع " جمعاء "، وجمع " كتعاء "، وهما مصروفان في النكرة ".
قال أبو سعيد: اعلم أن فعل الممنوع الصرف على ثلاثة أوجه وكلهن معدول، والعدل فيهن مختلف، وعللهن ملتبسة، تحوج إلى زيادة في الشرح، والله المعين.
فأولها باب " عمر " وقد ذكرناه.
والثاني " جمع " و " كتع " وهما معرفتان، معدولتان، على غير معنى عدل عمر وبابه، لأن " عمر " معدول عن " عامر " الذي هو معرفة، والأصل فيه باب النداء إذا قلت: " يا فسق " و " يا غدر " وهو كالمطرد في النداء إذا أردت به المبالغة.
وأما " جمع " فإنك تقول أكلت الرغيف أجمع ووقفت على الأمر أجمع، ورأيت الزيدين أجمعين، ووقفت على القصّة جمعاء وعلى القصص جمع، ورأيت الهندات جمع، وإن زدت في التوكيد واتبعت قلت رأيت الهندات جمع كتع. وكان الأصل أن تقول " جمعا كتعا "؛ لأن ما كان مذكره على أفعل ومؤنثه على فعلاء فباب جمعه أن يكون على فعل، كقولنا أحمر وحمراء وحمر وأشهب وشهباء وشهب، غير أنهم عدلوا عن " جمع وكتع " إلى " جمع وكتع "؛ لأن هذا لا يستعمل إلا معرفة، وباب أحمر وحمراء يستعمل معرفة ونكرة.
فشبّهوه في جمعهم إياه على " فعل " بباب الأفضل والفضلى والأطول والطولى، وجمع المؤنث فيه الفضل والطّول، ولا يستعمل إلا بالألف واللام معرفة، فلما كان جمع وكتع معرفتين بغير الألف واللام صار كالفضل والطّول واجتمع فيه علتان: العدل عن فعل الذي هو القياس في جمع جمعاء وكتعاء والثانية التعريف.
وأما " فعل " الثالث فهو أخر، وهي غير مصروفة في النكرة والذي منعها من الصرف في النكرة العدل والصفة، والذي يذكره النحويون أنها معدولة عن الألف واللام.
فقول القائل: كيف يعدل عن الألف واللام وهي نكرة وما فيه الألف واللام معرفة