أقل (مماثلة)، ولا تقل: (هذا أكثر مغايرة).
وقد احتج له سيبويه فقال:
" غير ليس باسم متمكن، ألا ترى أنها لا تكون إلا نكرة ولا تجمع ولا يدخلها ألف ولام ".
فهذه أيضا فروق بينها وبين مثل، ولا تصغر " أين " ولا " متى " ولا " من " ولا " ما " ولا " أيّهم " لأن هذه أسماء يستفهم بها عن مبهمات لا تعرفها، ويجوز أن يكون ذلك الشيء الذي يستفهم عنه قليلا أو كثيرا، يلزمك أن تبهم ليرد الجواب عنه على ما عند المسئول فيه.
ولا تصغر (حيث) ولا (إذ) لأنهما غير متمكنين ويحتاجان إلى إيضاح إنما (حيث) اسم مكان يوضح بما وقع فيه ولا ينفرد، و (إذ) اسم زمان يوضح بما وقع فيه ولا ينفرد وليس الغرض ذكر حال فيهما ويختص بهما فإن قال قائل: فقد صغرتم (الذي) وهي محتاجة إلى إيضاح فهلا صغرتم (إذ) و (حيث) و (من) و (ما) و (أيّهم) إذا كن بمعنى
(الذي)؟
قيل له ال (الذي) مزية عليهن؛ لأنها تكون وصفا، وتكون موصوفة كقولك:
(مررت بالرجل الذي كلمك) و (مررت بالذي كلمك الفاضل)، ويثنى ويجمع ويؤنث، وليس ذلك في شيء مما ذكرناه فتمكنت " الذي " في التصغير.
ولا تصغر " عند "؛ لأن تصغيرها إنما هو تقريب كما تقرب (فويق) و (تحيت) وهي في نهاية التقريب لأن عند (زيد) لا يكون شيء أقرب إليه مما عنده، فلما كانت موضوعة لما يوجبه التصغير في غيرها من الظروف إذا صغرنا لم تصغر.
وقال سيبويه: " اعلم أن اليوم، والشّهر، والسّنة، والسّاعة، واللّيلة يحقّرن وأما أمس وغد فلا يحقران؛ لأنهما ليسا اسمين لليومين بمنزلة (زيد) وإنما هما لليوم الذي قبل يومك، واليوم الذي بعد يومك، ولم يتمكنا ك (زيد) و (اليوم) و (الساعة) وأشباههن، ألا ترى أنك تقول هذا (اليوم) وهذه (الليلة) فيكون لما أنت فيه ولما لم يأت، ولما مضى. وتقول: هذا (زيد) و (ذاك) (زيد) فهم اسم ما يكون معك وما يتراخى عنك (وأمس) و (غد) لم يتمكنا تمكن هذه الأسماء فكرهوا أن يحقروهما كما كرهوا تحقير " أين " واستغنوا بالذي هو أشد تمكنا وهو (اليوم) و (الليلة) و (الساعة) وأول من (أمس) ك (أمس) في أنه لا يحقر ".