قال أبو سعيد: أما اليوم والشّهر والساعة والسنة والليلة فأسماء وضعن لمقادير من الزمان في أول الوضع وتصغيرهن على وجهين: أنك إذا صغرت اليوم فقد يكون التصغير له تقليلا ونقصانا عما هو أطول منه، لأنه قد يكون يوم طويل ويوم قصير، وكذلك الساعة تكون ساعة طويلة وساعة قصيرة.
والوجه الآخر: أنه قد يقل انتفاع المصغر بشيء في يوم أو في ليلة أو في شهر أو في سنة أو في ساعة، فتحقره من أجل قلة انتفاعه.
فإن قال قائل: فلا يكون شهر أطول من شهر ولا سنة أطول من سنة، لأن ما ينقص من أيام الشهر يزيد في لياليه. وما ينقص من لياليه يزيد في أيامه حتى تتعادل الشهور كلها.
قيل له: قد يكون التحقير على الوجه الآخر الذي هو قلة الانتفاع وقد قال بعض النحويين: المعتمد على أيام الشهر لا على الليالي، لأن التصرف في الأيام يقع، وأما (أمس) و (غد) فلما كانا متعلقين باليوم الذي أنت فيه صارا بمنزلة الضمير لاحتياجهما إلى حضور اليوم كما أن المضمر يحتاج إلى ذكر يجري للمضمر أو يكون المضمر المتكلم أو المخاطب.
وقال بعض النحويين: أما (غد) فإنه لا يصغر؛ لأنه لم يوجد بعد فيستحق التصغير.
وأما (أمس) ما كان فيه مما يوجب التصغير فقد عرفه المتكلم والمخاطب فيه قبل أن يصغر (أمس).
فإذا ذكروا (أمس) فإنما يذكرونه على ما قد عرفوه في حال وجوده بما يستحقه من التصغير فلا وجه لتصغيره.
قال سيبويه: والثّلاثاء والأربعاء والبارحة وأشباههن لا يحقرن، وكذلك أسماء الشهور نحو المحرم وصفر إلى آخر الشهور.
وذلك أنها أسماء أعلام تتكرر على هذه الأيام فلم تتمكن وهي معارف كتمكن (زيد) و (عمرو) وسائر الأسماء الأعلام؛ لأن الاسم العلم إنما وضع للشيء على أنه لا شريك له فيه وهذه الأسماء وضعت على الأسبوع وعلى الشهور ليسلم أنه اليوم الأول من الأسبوع أو الثاني أو الشهر الأول من السنة أو الثاني وليس منها شيء يختص فيتغير به وقت يلزمه التصغير.