وجدّاء ما يرجى بها ذو قرابة
… لعطف وما يخشى السّماة ربيبها (1)
إنما يريد " ورب " جداء، وجداء في موضع جر، ولكنها لا تنصرف، وهي الصحراء التي لا نبات فيها، الواو فيها واو العطف، لا واو القسم ومعنى قوله: وما يخشى السماة ربيبها، السماة: الصيادون في نصف النهار، وربيبها: وحشيها.
ثم قوى سيبويه حذف حرف الجر بقول العرب: (لاه أبوك) وأصله (لله أبوك) فحذف لام الجر ولام التعريف وكان أبو العباس المبرد يخالفه في هذا ويزعم أن المحذوف لام التعريف واللام الأصلية من الكلمة، وأن الباقي لام الإضافة فقيل له: لام الإضافة مكسورة ولام (لاه) مفتوحة، فقال: أصل لام الجر الفتح ومع ذلك فلو جعلناها مكسورة لانقلبت الألف ياء.
وكان الزجاج يذهب إلى قول سيبويه، وهو الصحيح عندي؛ لأن أبا العباس إنما حمله على ذلك الفرار من حذف لام الجر فيقال له: فقد حذف لام التعريف وهي غير مستغنى عنها، وإنما احتمل الحذف الكثير في القسم، والتغيير لكثرته في كلامهم حتى حذف فعل القسم، ولا يكادون يذكرونه مع الواو والتاء.
وقال بعض: (لهي أبوك) فبناه على الفتح، وهو مقلوب من (لاه أبوك) فقيل لأبي العباس: إذا كانت اللام لام الخفض فهلا كسروها في (لهى) فقالوا: (لهى) بكسر اللام فكان جوابه: أنه لما قلبوا كرهوا إحداث تغيير آخر مع الحذف الكثير الذي في (لاه) والقلب، وإنما بني (لهي) لأنه حذف منه لام الجر، ولام التعريف، ثم قلب فاختاروا له لفظا واحدا من أخف ما يستعمل وهو أن يكون على ثلاثة أحرف أوسطها وآخرها مفتوح، ومما يقال في ذلك
أنهم لما قلبوا وضعوا الهاء موضع الألف فسكنوها كما كانت الألف ساكنة، ثم قلبوا الألف ياء، لاجتماع الساكنين، لأنهم لما تركوها ألفا وقبلها الهاء ساكنة لم يمكن النطق بها، فردوها إلى الياء وهي أخف من الواو، ثم فتحوها لاجتماع الساكنين كما فتحوا آخر أين.
" واعلم أن من العرب من يقول: (من ربي لأفعلن) ومنهم من يقول: (من ربّي إنك لأشر) "
ولا يستعمل " من " بضم الميم في غير القسم، وذلك لأنهم جعلوا ضمها دلالة على