القسم كما جعلوا الواو مكان الباء دلالة على القسم ولا يدخلون (من) في غير (ربي)، لا يقولون: (من الله لأفعلن) وإنما ذلك لكثرة القسم تصرفوا فيه واستعملوا أشياء مختلفة.
قال سيبويه: ولا تدخل الضمة في " من " إلا هاهنا كما لا تدخل الفتحة في " لدن " إلا مع (غدوة) حين قالوا: (لدن غدوة إلى العشي).
ولا تقول: (لدن زيدا مال)، فأراد أن يعرفك أن بعض الأشياء يختص بموضع لا يفارقه، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
هذا باب ما يكون فيه ما قبل المحلوف به عوضا من اللفظ بالواوقال أبو سعيد: وذلك في أشياء منها قولهم: (أي ها الله ذا)، ومعنى أي: نعم، وقوله:
(ها الله)، معناه: (والله ذا).
وفي (ها الله) لغتان منهم من يقول: (ها الله) فيثبت الألف في " ها " ويسقط ألف الوصل في (الله) ويكون بعد ألف " ها " لام مشددة كقوله (الضالين)، و (دابة) وما أشبه ذلك.
ومنهم من يحذف ألف " ها " لاجتماع الساكنين فيقول: (هلله) ليس بين الهاء واللام ألفا في اللفظ، وليس ذهاب الواو في (ها الله) كذهابها من قولهم: (الله لأفعلن) لأن قولهم:
(الله لأفعلن) حذفت الواو استخفافا ولم تدخل ما يكون عوضا، ويجوز أن تدخل عليها الواو.
واختلفوا في معنى الكلمة فقال الخليل قولهم: ذا هو المحلوف عليه كأنه قيل (أي والله) الأمر هذا كما تقول: (أي والله لزيد قائم) وحذف الأمر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم وقدم قوم: ها هو ذا وها أنا ذا وهذا قول الخليل.
وقال زهير:
تعلّمنّ ها لعمر الله ذا قسما
… فاقصد بذرعك فانظر أين تنسلك (1)
أراد: تعلمن هذا قسما ومعنى تعلمن: أعلمن وقال الأخفش: قولهم (ذا) ليس هو المحلوف عليه إنما هو المحلوف به وهو من جملة القسم والدليل على ذلك أنهم قد يأتون بعده بجواب قسم والجواب هو المحلوف عليه، فيقولون: (ها الله ذا لقد كان كذا وكذا).