بيّن الفساد، ولم يجئ في استفعل حذف التاء الزائدة وفاء الفعل إلا في هذا الحرف، ولا يجيء التعويض من إلقاء حركة العين على الفاء إلا في أسطاع يسطيع، ونظيره " أهراق " " يهريق "، ولم يجئ غيرهما.
وفي " أهراق " ثلاث لغات: يقال: هراق يهريق هراقة، وأهراق يهريق إهراقة.
وأراق يريق إراقة؛ فمن قال: أهراق يهريق، فإن الأصل: أروق يروق، ثم ألقى حركة الواو- على ما قدمنا- على الراء، وقلب الواو ألفا، وعوض لنقل حركة الواو إلى الراء الهاء.
ومن قال: هراق يهريق، فإنه أراد به: أراق، فجعل مكان الهمزة هاء، كما قالوا إياك وهيّاك، وأما والله وهما والله.
فإن قيل فينبغي أن تسقط الهاء التي هي عوض من الهمزة في المستقبل، كما يسقطون الهمزة؛ لأنك تقول في المستقبل: يريق بإلقاء الهمزة التي في أراق.
قيل له: إنما حذفنا الهمزة في يريق من أراق، لئلا يجتمع همزتان في فعل المتكلم إذا قال أؤريق وأؤكرم، كما تقول: " أدحرج "، والهاء ليست كذلك، فإذا عوّضوا من الهمزة هاء في الماضي فإنّ المستقبل ليس يجتمع فيه همزتان، فيحتاج إلى حذف.
ومن قال: أراق يريق فهو بمنزلة أقام يقيم.
فإن قيل: لم كان العوض في أسطاع سينا، والعوض في أهراق هاء؟
فإن الجواب في ذلك أن يقال: السين والهاء هما من الحروف الزوائد والبدل، فإذا عوّضوا حرفا فقد وصلوا إلى ما أرادوا من التعويض، أي حرف كان؛ لأن الغرض التعويض، لا الحرف بعينه، ومع ذلك فمحتمل أن تكون زيادة السين للعوض في أسطاع، لأن يشاكل سائر اللغات فيها التي السّين مزيدة في بنائها، وزيادة الهاء في " أهراق " ليشاكل " هراق " الذي الهاء فيه مبدلة من الهمزة.
وأما قولهم: " اللهم " فإن الميم زيدت عوضا من " يا " وشدّدوا الميم، لأن يكون على عدة " يا "، لأن " يا " حرفان، وخصوا الميم؛ لأنها تقع زائدة في أواخر الأسماء نحو:
" زرقم " و " ستهم " و " دلقم ". ولا يقع هذا الحرف إلا في النداء.
وقال الفراء: إن الأصل في هذا الحرف: يا الله أمنّا بخير، وكثر في كلامهم حتى ألقوا الهمزة وطرحوا ضمتها على الهاء، وحذفوا حركة الهاء.
وهذا عند البصريين غير جائز، من قبل أن هذا الاسم يستعمل في المواضع التي