وإذا كانت منصوبة، ففيها تلك الأوجه، وتجعل مكان الواو في المرفوعة، ألفا فيها، كقول الأعشى:
استأثر الله بالوفاء وبال
… حمد وولي الملامة الرّجلا (1)
وإنما جازت هذه الزيادة في الشعر في القوافي؛ لأنهم يترنّمون بالشعر، ويحدون به، ويقع فيه تطريب، لا يتمّ إلا بحروف المدّ، وأكثر ما يقع ذلك في الأواخر، وكان الإطلاق بسبب المدّ الواقع فيه للترنّم.
وقد شبهوا مقاطع الكلام المسجّع، وإن لم يكن موزونا وزن الشّعر بالشّعر في زيادة هذه الحروف، حتى جاء ذلك في أواخر الآي من القرآن، كقوله تعالى: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (2) وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (3) قَوارِيرَا. قَوارِيرَا (4) و " قوارير " لا ينصرف، وقد أثبت في الوقف منها ألفا؛ لأنها رأس آية. وهذا مذهب أبي عمرو.
وبعضهم ينون الأول من " قوارير " تشبيها بتنوين القوافي، على مذهب من ينشدها منوّنة.
وهذه الزيادة غير جائزة في حشو الكلام، وإنما ذكرناها؛ لاختصاص الشّعر بها دون الكلام، وهي جيّدة مطّردة، وليست تخرجها جودتها عن ضرورة الشّعر؛ إذ كان جوازها بسبب الشّعر.
ومن ذلك صرف ما لا ينصرف، وهو جائز في كلّ الأسماء، مطرد فيها؛ لأنّ الأسماء أصلها الصّرف ودخول التنوين عليها، وإنما تمتنع من الصرف، لعلل تدخلها، فإذا اضطر الشاعر ردّها إلى أصلها، ولم يحفل بالعلل الدّاخلة عليها، والدليل على ذلك: أن ما لا أصل له في التنوين لا يجوز للشاعر تنوينه للضرورة، ألا ترى أن الشاعر غير جائز له تنوين الفعل؛ إذ كان أصله غير التنوين، وليس يردّه بتنوينه إلى حالة قد كانت له.
فمما جاء منوّنا مما لا ينصرف قول النابغة:
فلتأتينك قصائد وليركبن
… جيش إليك قوادم الأكوار (5)