ومن يجعل الإطلاق تنوينا فهو يقلب الواو الأصلية تنوينا، فيقول: ما يمرّ وما يحلن.
وكنت إذا ما جئت يوما لحاجة
… مضت وأجمّت حاجة الغد ما تخلو (1)
والوجه الثالث في الإنشاد أن ينشد البيت على خفّة من الإعراب، كقول جرير:
متى كان الخيام بذي طلوح
… سقيت الغيث أيّتها الخيام (2)
فتسكن الميم إذا وقفت، وتضمّها بلا واو ولا تنوين إذا وصلت، فتقول: " أيّتها الخيام "
بنفسي من تجنّبه عزيز
… عليّ ومن زيارته لمام (3)
فإذا وصل " لمام " نوّن، فقال: " لمام ".
ومن أمسى وأصبح لا أراه
… ويطرقني إذا هجع النّيام (4)
والذي ينون في إنشاد المطلق، لا يقف على التنوين، وإنما ينوّنه في الوصل، والذي يزيد الواو للإطلاق، قد يقف عليها؛ لأنه ليس في الكلام شيء آخره تنوين في الوقف، وقد يكون الوقف على حرف يبدل من التنوين، ألا ترى
أنك تقول: " رأيت زيدا " فتبدل الألف من التنوين ولا يجوز: " رأيت زيدا " بالتنوين في الوقف، وبعضهم يقول: " هذا زيدو " و " مررت بزيدي " فيبدل من التنوين واوا أو ياء في الكلام، وليس أحد يقف على التنوين، فقد علمت أن الذي ينشد بالتنوين، لا يقف عليه منونا.
وإذا كانت القافية مطلقة مخفوضة، ففيها الأوجه الثلاثة، غير أنهم يجعلون مكان الواو في المرفوع، ياء في المخفوضة، كقول الأعشى:
ما بكاء الكبير بالأطلال
… وسؤالي فما يرّدّ سؤالي
دمنة قفرة تعاورها الصّي
… ف بريحين من صبا وشمال (5)