قصدا إليها نفسها، وإنما أراد أن يصل هذا الباب، بالأبواب التي تقدمت فيما يعرض في كلام العرب ومذهبهم في الكلام المنظور والمنثور. وأنا أذكر ضرورة الشاعر مقسّمة بأقسامها، حتى يكون الشاذ منها مستدلا عليه بما أذكره إن شاء الله وبالله التوفيق.
اعلم أن الشّعر لما كان كلاما موزونا، تكون الزيادة فيه والنقص منه، يخرجه عن صحة الوزن حتى يحيله عن طريق الشعر المقصود مع صحّة معناه، استجيز فيه لتقويم وزنه من زيادة ونقصان وغير ذلك ما لا يستجاز في الكلام مثله، وليس في شيء من ذلك رفع منصوب ولا نصب مخفوض، ولا لفظ يكون المتكلم فيه لاحنا. ومتى وجد هذا في شعر كان ساقطا مطّرحا، ولم يدخل في ضرورة الشعر.
وضرورة الشعر على سبعة أوجه وهي: الزّيادة، والنّقصان، والحذف، والتّقديم، والتأخير، والإبدال، وتغيير وجه من الإعراب إلى وجه آخر على طريق التشبيه، وتأنيث المذكر وتذكير المؤنث.
فأما الزيادة، فهي زيادة حرف، أو زيادة حركة، أو إظهار مدغم، أو تصحيح معتلّ، أو قطع ألف وصل، أو صرف ما
لا ينصرف. وهذه الأشياء بعضها حسن مطّرد، وبعضها مطرد ليس بالحسن الجيد وبعضها يسمع سماعا ولا يطّرد.
فأوّل ذلك ما يزاد في القوافي للإطلاق، فإذا كانت القافية مرفوعة مطلقة، جاز إنشادها على ثلاثة أوجه: أحدها أن يجعل بعد الضمة واوا مزيدة.
كقول زهير:
صحا القلب عن سلمى وقد كان لا يسلو
… وأقفر من سلمى التعانيق فالثّقلو (1)
فتلحق آخر " الثّقل " واوا إتباعا لضمّة لام الثقل.
ويجوز أن يجعل مكان الواو التنوين فينشد:
... … وأقفر من سلمى التعانيق فالثّقلن
وقد كنت من سلمى سنين ثمانيا
… على صير أمر ما يمرّ وما يحلو (2)