المكسور، والمفتوح أخف عليهم، فكرهوا أن ينتقلوا من الأخف إلى الأثقل، وكرهوا في عصر الكسرة بعد الضمة كما يكرهون الواو مع الياء في مواضع، ومع هذا أنه بناء ليس من كلامهم إلا في هذا الموضع من الفعل، فكرهوا أن
يحوّلوا ألسنتهم إلى الاستثقال "
يريد أنه ليس في كلامهم فعل إلا فيما لم يسم فاعله من الثلاثي.
" وإذا تتابعت الضمتان خففوا أيضا وكرهوا ذلك كما يكرهون الواوين، وإنما الضمتان من الواوين، وذلك قولك: الرّسل والطّنب والعنق، تريد الرّسل والطّنب والعنق، وكذلك الكسرتان تكرهان عند هؤلاء كما تكره الياءان في مواضع، وإنما الكسرة من الياء، فكرهوا الكسرتين كما تكره الياءان، وذلك قولك في إبل إبل "، قال الشاعر،
ألبان إبل تعلّة بن مسافر
… مادام يملكها على حرام (1)
" وأما ما توالت فيه الفتحتان فإنهم لا يسكّنون منه، لأن الفتح أخف عليهم من الضم والكسر، كما أن الألف أخف من الواو والياء، وسترى ذلك إن شاء الله، وذلك نحو: جمل وحمل ونحو ذلك. ومما أشبه الأول مما ليس على ثلاثة أحرف قولهم: أراك منتفخا علي، بتسكين الفاء "
سكّن لأن قولنا نفخ كقولنا فخذ وكبد، فأسكن كما أسكن الخاء من فخذ، " ومن ذلك قولهم: " انطلق يا هذا "، بتسكين اللام وفتح القاف، وكان الأصل انطلق، اللام مكسورة والقاف ساكنة، فسكنت اللام للكسرة، فاجتمع ساكنان: اللام والقاف، فحركوا القاف وفتحوه، كما قالوا: أين وفتحوا النون.
قال سيبويه: " حدثنا الخليل عن العرب بذلك، وأنشدنا بيتا لرجل من أزد السراة، وهو:
عجبت لمولود وليس له أب
… وذي ولد لم يلده أبوان (2)