جمع " فقيه "، وما كان من " فعلاء " جمع " فعيل " لم يكن إلا ممدودا، نحو " كريم "، و " كرماء " لم يجئ غير ذلك. فقد منع القياس الذي ذكرنا مجيء الممدود الذي وصفناه مقصورا، فلا يجوز عنده في الشعر أن يجيء مقصورا، وكذلك ما كان من المقصور له قياس يوجب قصره، لم يجئ في الشعر ممدودا عنده. وهو يجيز أن يمدّ المقصور، وإنما يجيز قصر الممدود الذي يجوز أن يجئ في بابه مقصورا، نحو " الحداء "، و " الدّعاء "، لأنه قد جاء " البكا " مقصورا أو نحو " الغطاء " و " الكساء " و " العطاء "؛ لأنها أسماء لأشياء لا يوجب القياس مدّها، ولها نظائر مقصورة نحو: " المعا "، و " العصا "، و " الهدى ". ولا يجيز أيضا مدّ " سكرى "، و " غضبى "؛ لأن مذكّرهما: " سكران " و " غضبان " وهما يوجبان قصر مؤنثهما.
ويجوز عنده مد " الرّحا " و " العصا "؛ لأن مثلهما في الأسماء " العطاء " و " السّماء ".
وأهل البصرة يجيزون قصر كلّ ممدود، ولا يفرقون بين بعضه وبعض، ولا يجيزون مد المقصور إلا الأخفش ومن تبعه. وكان الأخفش يجيز مدّ كلّ مقصور كما أجاز قصر كل ممدود من غير استثناء ولا شرط.
والحجة في جواز قصر كل ممدود على خلاف ما قال الفراء الأبيات التي أنشدناها، وذلك أن قول الأعشى: " القارح العدّا وكلّ طمرّة " لا يجوز أن يجيء في بابه مقصور، وذلك أنه " فعّال " لتكثير الفعل، كقولك: " قتّال " و " ضرّاب " ولا يجيء في هذا " فعّل " فيكون مقصورا من المعتل.
وقول شميت: " بفيّ من اهداها " وهو مصدر من " أهدى يهدي ". ولا يكون " الإهداء " إلا ممدودا، مثل " أكرم إكراما " و " أخرج إخراجا " ولا يجيء في هذا الباب " إفعل " في مصدر " أفعل "، ليس في الكلام مثل: " أكرم إكرما "، فيكون مثاله من المعتلّ مقصورا.
وذكر الفراء قوله:
لا بدّ من صنعا وإن طال السّفر (1)
فقال إنما قصرها؛ لأنّها اسم، وليس بمنزلة " حمراء " التي لها مذكّر يمنع من قصرها، ولم أره ذكر البيتين الآخرين، على أنه قد أنشد في بعض شواهده قوله: