فلو أنّ الأطبّا كان حولي
… وكان مع الأطبّاء الأساة (1)
و" الأطبّا " جمع " طبيب " والقياس يوجب مدّه ويمنع من قصره.
وأنشد الأخفش وغيره من البصريين في مد المقصور قوله:
سيغنيني الذي أغناك عنيّ
… فلا فقر يدوم ولا غناء (2)
والغنى مقصور.
وليس له في ذلك حجة من وجهين؛ أحدهما: أن البيت يجوز إنشاده بفتح الغين:
" فلا فقر يدوم ولا غناء ". و " الغناء " ممدود، ومعناه معنى " الغنى ". ويجوز أن يكون " غناء " مصدر " غانيته " أي فاخرته بالغنى عنه، كما قال:
كلانا غني عن أخيه حياته
… ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا (3)
أي غنيّ بعض عن بعض.
وأنشد الفراء أو غيره من الكوفيين في مد المقصور:
قد علمت أخت بني السّعلاء
… وعلمت ذلك مع الجراء
أنّ نعم مأكولا على الخواء
… يا لك من تمر ومن شيشاء
ينشب في المسعل واللهاء (4)
فمد " السّعلا " وهو مقصور، وكذلك: " الخواء ". وهذه أبيات غير معروفة، ولا يعرف قائلها، وغير جائز الاحتجاج بمثلها. ولو كانت صحيحة لم يعوزنا تأوّلها على غير الوجه الذي تأوّلوه عليه.
فإن قال قائل: ما الفرق بين جواز قصر الممدود ومد المقصور؟
قيل له: قصر الممدود تخفيف؛ وقد رأينا العرب تخفّف بالترخيم وغيره، على ما تقدّم وصفنا له، ولم نرهم يثقّلون الكلام بزيادة الحروف، كما يخفّفونه بحذفها، فذلك فرق ما بينهما، وشيء آخر وهو أنّ قصر الممدود، إنما هو حذف زائد فيه، وردّه إلى أصله، ومد المقصور ليس برادّ له إلى أصل.