قال المفسر: قد بيّن سيبويه عن معنى اللغو في الحرف الذي يسمونه لغوا وميز أنه للتوكيد لئلا يظن إنسان أنه دخل الحرف لغير معنى البتة، لأن التوكيد معنى صحيح.
قال: " وقد تغير الحرف " يعني " ما " حتى يصير يعمل بمجيئها غير عمله الذي كان قبل أن تجيء، وذلك قولك إنما وكأنما ولعلما جعلتهن بمنزلة حروف الابتداء ".
يعني جعلت ما إن وكأن ولعل بدخولها عليهن يليهن الابتداء والخبر. " ومن ذلك حيثما صارت بمجيئها بمنزلة أين.
قال أبو سعيد: يعني صارت حيث بمجيء ما مما يجازي به فتقول: حيثما تكن أكن، كما تقول: أين تكن أكن، ولا يجوز أن تقول حيث تكن أكن بغير ما.
قال: " وتكون إن كما في معنى ليس " كقوله تعالى: إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (1).
قال: " وأما لا فتكون كما في التوكيد واللغو، قال الله تعالى: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ (2)، وتكون نفيا لقوله يفعل، ولم تقع للفعل، فتقول لا يفعل ".
يريد أن لا يفعل وهو نفي فعل مستقبل، والتي تنفي فعل الحال هو ما إذا قلت ما تفعل.
قال: " وقد تغير الشيء عن الحال ".
يعني كما تفعل ما، وذلك: لولا صارت لو في معنى آخر، كما صارت حين قلت:
لو ما تغيرت كما تغيرت حيث بما وإن بما.
قال أبو سعيد: يريد أنك تقول: لو جئتني لأكرمتك، ويكون معناها أن الكرامة انتفت لانتفاء المجيء، فإذا زدت عليها لتغيّر معنى هذا إلى شيئين: أحدهما أن ينتفي الشيء بحضور غيره، كقولك: عبد الله لأكريتك والآخر أن يكون خصيصا كقولك: لولا زيدا تضرب، ولو ما زيدا تضرب، وهلا زيدا تضرب، وإلا زيدا تضرب، ومعناها كلها واحد، وإنما كان الأصل لو وهل، وإن دخلت عليها هذه الحروف فغيرت معناها.
قال: " وقد تكون لا ضدا لنعم وبلى، وقد بيّن أحوالها في باب النفي.
قال: " وأما أن فتكون بمنزلة لام القسم في قوله: أما والله أن لو فعلت لفعلت، وقد بينا ذلك في موضعه.