قولك: " حسب زيد عمرا منطلقا " ولا يجوز أن تقول: " حسب زيد عمرا " ولا " حسب زيد منطلقا ".
ومنها ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين سوى الستّة؛ كقولك: " أعلم الله زيدا عمرا منطلقا ".
والنحويون يذكرون تعدّي الأفعال إلى أربعة من الستة، واشتراكها فيها، وهي المصادر، وظروف الزمان، وظروف المكان، والحال، ولم يذكروا المفعول معه، ولا المفعول له مع هذه الأربعة، وذلك أن كلّ فعل لا بدّ له من مصدر، وظرف زمان، وظرف مكان، وحال، وقد تخلو من المفعول له، والمفعول معه، وذلك أن المفعول له هو الذي وقع الفعل من أجله وهو الغرض الداعي للفاعل إلى إيقاع الفعل، والمفعول معه هو الذي يشاركه الفاعل ويلابسه فيه، تقول: " قام زيد حذر الشّرّ "، فكأنه قام، وكان غرضه في قيامه أن يكفى الشر الذي يحذره و " قام زيد ابتغاء الخير " أي لابتغاء الخير وكان قصده إلى ذلك.
ولو أن إنسانا تكلّم وهو نائم، أو فعل فعلا وهو ساه، ولم يكن له فيه غرض، لم يكن في فعله مفعول له، ولو فعل فعلا لم يشاركه فيه غيره لم يكن مفعول معه، فذكر النحويون الأربعة التي يحتاج الفعل إليها، ولا يستغني عن واحد منها مذكورا أو محذوفا، وهذه المفعولات تجيء واحدا واحدا مشروحا إن شاء الله تعالى.
فقول سيبويه: " إن الفعل الذي لا يتعدّى، يتعدّى، إلى اسم الحدثان " نحو " ذهب زيد ذهابا "، فذهب هو فعل لا يتعدّى، والحدثان هو الذّهاب، واسمه هذا اللفظ؛ أعني لفظ الذهاب.
وقوله: " ألا ترى أنّ قولك: " قد ذهب " فيه دليل على أنه قد كان منه ذهاب ".
قال أبو سعيد: اعلم أن سيبويه يجعل المفعول الذي تدلّ صيغة الفعل عليه أقوى من المفعول الذي لا تدلّ صيغة الفعل عليه، والمفعول الذي تدل صيغة الفعل عليه اثنان:
المصدر وظروف الزمان، فبدأ سيبويه بالمصدر؛ لأنه أقوى من ظروف الزمان؛ لأن الفاعل قد فعله وأحدثه، ولم يفعل الزمان، وإنما فعل فيه.
ثم قال سيبويه: " وإذا قلت ضرب عبد الله، لم يتبيّن أن المفعول زيد أو عمرو ".
يريد أن " ضرب عبد الله " في تعدّيه إلى " زيد " ليس بمنزلة " ذهب عبد الله " في