تعدّيه إلى الذهاب، وذلك أنك إذا قلت: " ذهب عبد الله " فقولك: " ذهب " يدلّ على ضرب من المصادر والأحداث دون سائرها، وهو " الذّهاب "، فإذا قلت: " ضرب عبد الله " أمكن أن يكون الضرب واقعا بجميع الأسماء نحو " زيد " و " عمرو " و " بكر " و " خالد "، فمفعول الضرب لم تدل عليه صيغة فعله، كما دلت على المصدر.
ثم مثّل فقال: " وذلك قولك: ذهب عبد الله الذّهاب الشديد، وقعد قعدة سوء، وقعد قعدتين، لمّا عمل في الحدث عمل في المّرّة منه والمرّتين، وما يكون ضربا منه، فمن ذلك: قعد القرفصاء، واشتمل الصّمّاء، ورجع القهقرى؛ لأنّه ضرب من فعله الذي أخذ منه ".
وقال أبو سعيد: اعلم أن المصادر على ثلاثة أنحاء: فنحو منها يدلّ على نوع المصدر فقط، كقولك: " ضرب زيد ضربا " و " قعد قعودا " فضربا وقعودا يدلان على نوع الضرب والقعود، ولا يدلان على مرّة، ولا مرّتين، ولا على صفة دون صفة.
والنحو الثاني: يدل على الكمية والعدد، كقولك: " قعد زيد قعدتين " و " ضرب زيد عمرا ضربة ".
والضرب الثالث: يدل على كيفية المصدر، كقولك: " قعد القرفصاء " و " اشتمل الصّمّاء " و " رجع القهقرى " و " قعد قعدة سوء "، وذلك أن " القرفصاء " هو ضرب من القعود على وصف لا يقع على كل قعود، وهو أن يقعد مجتمعا متداخلا، وتقديره: قعد القعود القرفصاء، فحذف القعود، وأقام القرفصاء مقامه، و " اشتمل الصّمّاء " معناه:
الاشتمالة الصّمّاء، وهو أن يتجلّل بثوب، ويكون يداه داخل الثوب، وليس كلّ اشتمال كذلك، و " رجع القهقرى " ومعناه: رجع الرجوع القهقرى، كأنه رجع كما ذهب متوجّها الوجه الذي كان منه الذهاب، وليس كل رجوع كذلك. وكذا " قعد قعدة سوء "، القعدة هي حال قعوده ووصفه، فقد يكون قعدة سوء وقد يكون قعدة صدق، وليست من باب " قعدة "؛ لأن قعدة تقع على مرّة فقط.
وهذه الأنحاء التي ذكرناها يتعدّى الفعل إليها؛ لأنها كلها مصادر وإن كانت مختلفة في أنفسها، فقوله: " الذّهاب الشّديد " هو من باب يدل على النّوع، غير أنه أدخل الألف واللام فيه، وعرّفه، ووصفه بالشّدة.
وقوله: " لمّا عمل في الحدث عمل في المرّة منه والمرّتين " يعني لمّا عمل " قعد " في