" قعود " من قولك: " قعد قعودا " عمل في " قعدة " و " قعدتين " إذا قلت: " قعد قعدة " و " قعدتين " وعمل في " القرفصاء "، و " الصّمّاء " و " القهقرى "، لأنه صفة المصدر وضرب منه، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
قال سيبويه: " ويتعدّى إلى الزّمان نحو قولك: ذهب؛ لأنّه بني لما مضى منه وما لم يمض، فإذا قال: ذهب، فهو دليل على أنّ الحدث فيما مضى من الزمان، وإذا قال:
سيذهب، فهو دليل على أنه سيكون فيما يستقبل من الزّمان، ففيه بيان ما مضى وما لم يمض منه، كما أن فيه استدلالا على وقوع الحدث ".
قال أبو سعيد: وقد بينا أن أولى المفعولات بعمل الفعل فيه، ما دلّت صيغة الفعل عليه مجملا. وقد ذكرنا المصادر
التي قد دلّت صيغة الفعل عليها، وقد دلّت صيغة الفعل على الزمان مجملا أيضا، فكان عمله فيه كعمله في المصدر.
فإن قال قائل: الفعل يدلّ على الزمان كدلالته على المكان؛ لأنه قد علم أنه لا يقع إلا في مكان، كما أنه لا يقع إلا في زمان.
قيل له: هذا المعنى وإن كان مفهوما منهما جميعا من طريق المعنى فإنّ صيغة الفعل تحصّل لنا زمانا دون زمان بذاتها؛ لأنا إذا قلنا: " ذهب " حصل لنا زمان ماض دون غيره، وإذا قلنا: " يذهب " حصل لنا زمان غير ماض بلفظ الفعل، ولا يحصل لنا مكان بعينه دون مكان، فلذلك كانت ظروف الزّمان أولى بالفعل.
قال سيبويه: " وإن شئت لم تجعلها ظرفا، فهو يجوز في كل شيء من أسماء الزمان، كما كان في كل شيء من أسماء الحدث ".
قال أبو سعيد: اعلم أنّ الظروف على ضربين: منها متمكّن، وغير متمكن فالمتمكّن منها ما يجوز أن يكون مرفوعا في حال، نحو " اليوم " و " الّليلة " و " خلفك "، و " قدّامك "؛ لأنك تقول: " اليوم طيّب "، و " الّليلة مظلمة "، و " خلفك واسع ". وغير المتمكّن ما لا يدخله الرفع ولا يستعمل إلا ظرفا نحو: " قبل " و " بعد " و " عند "؛ لأنّك لا تقول: " قبلك قديم " ولا " بعدك متأخّر " ولا " عندك واسع ".
وهذان النوعان يستقصيان في باب الظروف، وإنما قدّمنا ذكرهما؛ لأنّ الظرف المتمكن يجوز أن يجعل مفعولا على سعة الكلام ويقام مقام الفاعل، والظرف الذي لا يتمكّن لا يجعل مفعولا على السّعة ولا يقام مقام الفاعل، فإذا قلت: " صمت اليوم "