قال: (فإن جعلته على قولك: " فيها زيد قائم " نصبت. تقول: " ما كان فيها أحد خيرا منك "، و " ما كان أحد فيها خيرا منك " و " ما كان أحد خيرا منك فيها ").
تجعل " أحد " اسم كان، و " خيرا منك " خبرها، و " فيها " من صلة " خيرا منك "، وهو ظرف ل " خيرا منك ". وإذا كان الظرف أو حرف الجر غير خبر، وكان من صلة الخبر، سماه ملغى؛ لأنه يستغنى عنه، إذا كان الخبر في غيره، فقولك: " ما كان فيها أحد خيرا منك فيها "، ملغى إذا لم يكن خبرا.
(إلا أنك إذا أردت الإلغاء، فكلما أخرت الذي تلغيه كان أحسن، وإذا كان مستقرا مكتفى به. فكلما قدمته كان أحسن).
يعني أن قولك: " ما كان أحد خيرا منك فيها "، أحسن من قولك: " ما كان فيها أحد خيرا منك "؛ لأن " فيها " لغو.
وقولك: " ما كان فيها أحد خير منك "، أحسن من قولك: " ما كان أحد خير منك فيها "؛ لأن " فيها " خبر.
ثم مثله " بأظن، وأحسب " وذلك أن " أظن، وأحسب " وبابهما يجوز فيه الإلغاء والإعمال. فإذا أعملت، كان التقديم أحسن؛ فقلت: " أظن زيدا منطلقا "، وهو أحسن من قولك: " زيدا أظن منطلقا "، وإذا ألغيت كان التأخير أحسن. فقولك: " زيد منطلق ظننت "، أحسن من قولك: " زيد ظننت منطلق " تجعل جعلك ل " فيها " إذا كان خبرا، بمنزلة إعمال الظن، وإلغاءها كإلغاء الظن في اختيارك التقديم والتأخير.
ثم قال: (والتقديم ههنا والتأخير فيما يكون ظرفا، أو يكون اسما في العناية والاهتمام. مثله فيما ذكرت لك في باب الفاعل والمفعول وجميع ما ذكرت لك من التقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد).
يعني: تقديم " فيها " وتأخيرها، وجعلها خبرا مستقرا جيد كثير.
فمن ذلك قوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (1).
قدم " له "، وجعل الخبر " كفوا "، والاسم " أحد "، و " لم يكن له "، مستقرا وقد قدمه.
فإن قال قائل: فكيف اختار سيبويه ألا يقدم الظرف إذا لم يكن خبرا، وكتاب الله