يعني: أنك إذا قلت: " إن زيدا لظريف "، فمعناه: " زيد ظريف "، فأدخلت إن واللام لتؤكد، فإذا قلت: " وعمرو "؛ فإنما تعطفه على موضع " زيد " قبل دخول " إن "، وإن نصبت فعلى لفظ " زيد "، والمعنى فيهما واحد، غير أن التقدير الذي قدرته للرفع والنصب مختلف، فكذلك قولك: " ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا ومنطلق "، المعنى واحد، وتقدير الإعراب مختلف.
وقال سيبويه: (وتقول: " ما زيد كريما ولا عاقلا أبوه "، تجعله كأنه للأول بمنزلة " كريم "؛ لأنه ملتبس به إذا قلت: " أبوه " فتجريه عليه، كما أجريت عليه الكريم؛ لأنك لو قلت: " ما زيد عاقلا أبوه "، نصبت. وكان كلاما).
قال أبو سعيد: أعلم أنه لا يجوز أن تجري اسم الفاعل المشتق من فعله نعتا لغير فاعله، أو خبرا، أو حالا، إذا كان في فاعله ضمير يعود إلى الاسم الذي أجريته عليه، وكذلك إن كان الضمير في شيء يتعلق به الفعل من الكلام. تقول: " رأيت رجلا قائما أبوه "، و " مررت برجل قائم أبوه "، و " جاءني رجل قائم أبوه "، فجعلت قائما نعتا لرجل، وهو فعل
أبيه لا فعله، غير أنك أجريته عليه، لأن في الأب هاء تعود إليه. وكذلك لو قلت: " مررت برجل قائم عمرو إليه، أو في داره "، كان بمنزلة " قائم أبوه "، فهذا في النعت.
وأما الخبر فقولك: " كان زيد قائما أبوه " أو " إن زيدا قائم أبوه "، و " كان زيد قائما عمرو إليه "، و " كان أخوك منطلقا رجل يحبه "، و " مررت بزيد قائما رجل يحبه "، " فقائما ": حال من " زيد " وهو مشتق من فعل " رجل "، وفي " يحبه " الذي هو نعت لرجل ضمير يعود إلى " زيد "، فاسم الفاعل، وإن كان لغير الأول- إذا كان في الكلام ما يعود إلى الأول- بمنزلة اسمه المشتق من الفعل، وترفع الذي له الفعل بفعله. فإذا قلت: " ما زيد كريما، ولا عاقلا أبوه " " فكريما ": خبر " لزيد "، و " عاقلا ": عطف عليه، و " أبوه ":
مرتفع " بعاقل "، فقد صار " عاقلا أبوه " في أنه خبر عن " زيد " بمنزلة " كريما "، لما فيه من الضمير العائد إليه. ألا ترى أنك لو قلت: " ما زيد عاقلا أبوه "، جاز، وصار خبرا له، وإن كان الفعل منفيّا عن أبيه، كما تقول: " ما زيد عاقلا ".
وتقول: " ما زيد ذاهبا ولا عاقل عمرو "، فلا يجوز في " عاقل " إلا الرفع، وذلك أنه لا يصح عطف " عاقل " على " ذاهبا "؛ لأنه ليس في الكلام ما يعود إلى " زيد " ألا ترى أنك