العجاج:
كشحا طوى من بلد مختارا
… من يأسة اليائس أو حذارا (1)
وكان الأجود أن يقول: أو حذار، ولكنه حمله على موضع " من " كأنه قال: يأسة اليائس، وهذا مفعول له كقولك: " انصرفت عن زيد يأسا " أي من " يأس " أو " ليأس ".
قال: (وتقول: " ما زيد كعمرو ولا شبيها به " و " ما عمرو كخالد ولا مفلحا ":
النصب في هذا جيد؛ لأنك إنما أردت: ما هو مثل فلان، ولا مفلحا. هذا معنى الكلام. فإن أردت أن تقول: ولا بمنزلة
من يشبهه جررت، وذلك نحو قولك: " ما أنت كزيد ولا شبيه به " فإنما أردت ولا كشبيه به).
قال أبو سعيد: إذا قلت: " ما زيد كعمرو ولا شبيها به "، فمعناه: ما زيد كعمرو، وما زيد شبيها بعمرو. وإذا قلت: " ما عمرو كخالد ولا مفلحا "، فمعناه: ولا عمرو مفلحا. " فشبيها "، و " مفلحا " عطف على موضع " الكاف "، وموضعها منصوب بخبر " ما ".
وإذا قلت: " ما زيد كعمرو ولا شبيه به " فمعناه: ما زيد كعمرو ولا كشبيه بعمرو، فقد أثبت لعمرو شبيها، ثم نفيت عن " زيد " شبه عمرو، وشبه شبيهه.
قال سيبويه: (فإذا قال قائل: " ما أنت بزيد ولا قريبا منه " فإنه ليس ها هنا معنى للباء، لم يكن قبل أن تجيء بها، وأنت إذا ذكرت الكاف تمثل).
يريد أنك إذا قلت: " ما أنت بزيد ولا قريبا منه أو ولا قريب منه " فالمعنى واحد، ويجوز الجر والنصب، وإن كان الجر أجود لما ذكرنا أن الباء زائدة في قولك: " بزيد "، وإذا قلت: " ما زيد كعمرو " فالكاف دخلت للتشبيه. فإذا قلت: " ولا شبيه به "، فخفضت، فكأنك قلت: " ولا كشبيه بعمرو " فأثبت له شبيها. وإذا نصبت " شبيها " فمعناه: ولا زيد شبيها به.
قال سيبويه: (وإن شئت قلت: " ما أنت بزيد ولا قريبا منه "، فجعلت " قريبا " ظرفا).
وإذا جعلته ظرفا لم يكن فيه إلا النصب كأنك قلت: " ما أنت بزيد ولا خلف زيد ".