أصبحت لا أحمل السلاح ولا
… أملك رأس البعير إن نفرا
والذّئب أخشاه إن مررت به
… وحدي وأخشى الرّياح والمطرا (1)
فنصب الذئب على تقدير: وأخشى الذئب أخشى، واختار ذلك لأن قبله " أصبحت " وهو فعل، و " أصبحت " من أخوات " كنت " و " لست ".
قال: (وقد يبتدأ فيحمل على ما يحمل عليه، وليس قبله منصوب، وهو عربي جيد).
أن الجملة الثانية قد يجوز أن ترفع الاسم فيها، وإن كانت الجملة الأولى مبنية على فعل، فتكون الجملة الثانية كجملة مبتدأة ليس قبلها فعل، وذلك قولك: لقيت زيدا وعمرو لقيته كأنك لم تحفل بتقدم قولك: " لقيت زيدا " إذ كانت جملة قائمة بنفسها، وكأنك قلت: " عمرو لقيته " في الابتداء، ثم عطفت جملة على جملة، فتجعله كقولك:
" لقيت زيدا وعمرو أفضل منه ". وهذا لا يجوز فيه إلا الرفع؛ لأن " أفضل " ليس بفعل يضمر مثله في نصب " عمرو ".
قال سيبويه: (فإذا جاز أن يكون في المبتدأ بهذه المنزلة، جاز أن يكون بين الكلامين).
يعني أنه لما جاز " عمرو لقيته " في الابتداء، وجاز أن تقول: " لقيت زيدا وعمرو لقيته "، فيكون رفعه بعد تقدم الجملة الأولى كرفعه في الابتداء، وإن كان الاختيار ما ذكرنا لما وصفنا.
قال: (وأقرب منه إلى الرفع " عبد الله لقيت وعمرو لقيت أخاه، وخالدا رأيت، وزيد كلمت أباه " هو ها هنا إلى الرفع أقرب كما كان في الابتداء من النصب أبعد).
قال أبو سعيد: قد قدمناه أن الفعل إذا كان واقعا على ضمير الاسم من غير حرف جر، فإن إضمار الفعل الناصب للأول أقوى، وأوجب من أن يكون الفعل واقعا على ضميره بحرف جر، أو واقعا على سبب له، فإن كان الأمر على ما وصفنا، فإن قولك:
" لقيت زيدا وعمرا كلمته "، أقوى في النصب من أن تقول: " لقيت زيدا وعمرا كلمت أخاه "؛ لأن قولك: " وعمرا كلمته " قد وقع الفعل على ضميره، وإذا قلت: " وعمرا كلمت