تعود على عمرو ولا شيء يعود إلى زيد من الجملة.
فإن جعلت في " عمرو كلمته " ما يعود إلى " زيد " جاز حينئذ ما قال سيبويه من الوجهين جميعا: وذلك قولك: " زيد لقيته وعمرو كلمته عنده "، فتجعل الهاء في " عنده " عائدة إلى " زيد "، أو في " كلمته "، وتجعل الأخرى عائدة إلى عمرو؛ لأنك في هذا الوجه إذا عطفت " عمرو كلمته عنده " على " لقيته " الذي هو خبر " زيد " جاز، وصار خبرا له أيضا؛ ألا ترى أنك تقول: " زيد عمرو كلمته عنده "، فتصير الجملة خبرا ل " زيد "، وأظن سيبويه إنما أراد ذلك، إذ جعل في الجملة الثانية ضميرا يعود إلى " زيد " واشتغل بأن أرانا جواز رد الجملة الثانية إلى المبتدإ مرة وإلى المفعول مرة ولم يشتغل بتصحيح لفظ المسألة.
وقال سيبويه: (ومثل ذلك " زيد لقيت أباه وعمرا مررت به "، إن حملته على " الأب "، وإن حملته على الأول رفعته).
والكلام في هذا كالكلام في الأول.
قال: (والدليل على أن الرفع والنصب جائز كلاهما، أنك تقول: " زيد لقيت أباه وعمرا "، إن أردت أنك " لقيت عمرا والأب "، وإن زعمت أنك " لقيت أبا عمرو " ولم تلقه رفعته ومثل ذلك " زيد لقيته وعمرو "، إن شئت رفعت، وإن شئت قلت: " زيد لقيته وعمرا ").
فاستشهد على جواز حمل الاسم الذي في الجملة الثانية على المنصوب في الجملة الأولى بقولك: " زيد لقيت أباه وعمرا " قال: فلما جاز عطف " عمرو " على " الأب " مرة، وعلى " زيد " مرة، جاز ذلك في قولك: " وعمرا كلمته ".
فقال له الزيادي: هذا غير مشبه لذلك؛ لأن قولنا: " وعمرا " ليس بجملة وإنما هو اسم واحد وقع عليه الفعل الذي
وقع على " الأب " بعينه، فقد صار " عمرو " مع " الأب " مفعولي " لقيت "، و " لقيت " خبرا " لزيد "، وفي مفعوليه ما يعود إليه، وهو الهاء في " الأب "، و " عمرو كلمته " جملة قائمة بنفسها ليست بداخلة في الفعل الأول ولا الفعل الأول واقع عليها.
قال سيبويه: (ومثل ذلك " زيد لقيته وعمرو "، إن شئت رفعت، وإن شئت قلت:
" زيد لقيته وعمرا " تقول أيضا: و " زيد ألقاه وعمرو وعمرا ").
قال: (فهذا يقوى أنك بالخيار في الوجهين)