وقد بينا الكلام في ذلك.
قال: (وإذا قلت: " مررت بزيد وعمرا مررت به " نصبت، وكان الوجه؛ لأنك بدأت بالفعل ولم تبتدئ اسما بنيته عليه، ولكنك قلت: " فعلت " ثم بنيت عليه المفعول، وإن كان الفعل لا يصل إلا بحرف الإضافة، فكأنك قلت: " مررت زيدا ").
يعني: أن قولك: " مررت بزيد " بمنزلة قولك: " ضربت زيدا "؛ لأن " مررت " فعل، كما أن " ضربت " فعل، وإن كان " مررت " لا يتعدى إلا بحرف، فإذا كان كذلك فينبغي أن تختار في الجملة الثانية نصب الاسم، كما اختير من " ضربت زيدا " نصب الاسم في الجملة الثانية.
قال: (ولولا أنه كذلك، ما كان وجه الكلام: زيدا مررت به ولا لقيت زيدا وعمرا مررت به وقمت وعمرا مررت به).
يعني أنك إذا قلت: زيدا مررت به أضمرت فعلا ينصب " زيدا "، وإن كان " مررت " قد تعدى إلى ضميره بحرف، كما ينصب الاسم إذا تعدى الفعل إلى ضميره بغير حرف، كقولك: " أزيدا ضربته ".
قال: (ونحو ذلك " خشنت بصدره "، " فالصدر " في موضع نصب وقد عملت الباء.
يريد: أن " خشنت بصدره "، كقولك " خشّنت صدره "، فإن دخول الباء لم يغير حكم الفعل؛ ليريك أن " مررت بزيد "، كقولك: " ضربت زيدا "، وكقولك: " مررت زيدا " لو كان يتكلم به.
قال: كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (1)، وإنما هو: كفى الله، ولكنك لما أدخلت الباء عملت، والموضع موضع نصب، والمعنى معنى النصب، وهذا قول الخليل).
يعني: أن قوله: " كفى بالله " لو نزعت الباء، لقلت: " كفى الله " والباء زائدة، وقد جرت الاسم الذي بعدها، وإن كان موضعه رفعا بالفعل الذي قبله، فكذلك موضع زيد نصب، إذا قلت: " مررت بزيد ".