فإن قال قائل: فقد أضيفت أسماء الزمان إلى الأفعال، كقولك: " هذا يوم يقوم زيد، وساعة يذهب زيد ورأيته يوم قام زيد "!
فإنما جازت إضافة أسماء الزمان إلى الأفعال؛ لأن الأفعال لا بد لها من فاعلين، والفعل والفاعل جملة، والزمان يضاف إلى الجمل، كقولك: " رأيته يوم زيد أمير "، " ورأيته زمن أبوك غائب "، ونحو ذلك، فأضيف اسم الزمان إلى الفعل والفاعل، كما يضاف إلى الابتداء والخبر، ويكون المعنى في ذلك كالمعنى في إضافة الزمان إلى المصدر، فإذا قلت:
هذا يوم يقوم زيد فكأنك قلت: هذا يوم قيام زيد.
فإن قال قائل: فلم خصّ الزمان بالإضافة إلى الجمل دون غيره؟
فالجواب في ذلك أنا رأينا الزمان قد تشتق له أفعال، تدل على وقوع الجمل في أوقاته المختلفة، نحو: كان، ويكون، اللذين هما عبارتان عن الماضي والمستقبل من الزمان، وتليهما الجمل: ونحو: أصبح وأمسى اللذين هما عبارتان عن وقتين معلومين من الزمان ويليهما الجمل، فمن حيث جاز أن يضاف المكان والزمان والمصدر وغير ذلك إلى الفاعلين، وكانت الجملة كالفاعل من حيث صيغ لها من لفظ الزمان ما يدل، عليها أضيف الوقت إليها- أعني الجمل- كما صيغ للوقت ما يدل عليه.
وزعم " الأخفش " أنهم أضافوا أسماء الزمان إلى الأفعال؛ لأن الأزمنة كلها تكون ظروفا للأفعال والمصادر، لا يمتنع شيء منها من ذلك فعوّضوا من كون جميعها ظروفا أن أضافوها إلى الجمل والأفعال. ومما يدل على هذا: أن الزمان الماضي بمعنى " إذ ". والزمان المستقبل بمعنى " إذا " والأزمنة ماضية ومستقبلة، فلما كانت " إذ " تضاف إلى الجمل:
المبتدأ والخبر والفعل والفاعل، أضيف الزمان الذي في معناها إلى الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر.
ولما كانت " إذا " تضاف إلى الفعل والفاعل فقط، أضيف الزمان الذي في معناها إلى الفعل والفاعل فقط، فلا تقول: أتيتك زمان زيد قائم؛ لأنك لا تقول: أتيتك إذا زيد قائم.
ومما يدل على صحة ما بينا أن الفعل مشتق من المصدر في زمان ماض أو مستقبل، وليس بدال على وقت من الماضي معين ولا من المستقبل، فصار الزمان كبعض الفعل؛ إذ كان الفعل يدل على شيئين: أحدهما: الزمان، والآخر: المصدر، فإذا أضفنا