الزمان إليه فقد أضفناه كما يضاف البعض إلى الكل كقولنا: " ثوب خزّ " " وخاتم حديد " وفي إضافتنا إليه فائدة، إذ كان يتحصل فيها غير الزمان ولا يضاف إليه المصدر؛ لأن الفعل معه الفاعل، فقد دل على أن المصدر له، فلم يضف إليه.
فإن قال قائل: فقد يضاف إلى الفعل غير الزمان، وهو قولهم: ائتني بآية قام زيد، أراد: بعلامة قام زيد، قال الشاعر:
بآية يقدمون الخيل زورا
… كأن على سنابكها مداما (1)
وقولهم: " اذهب بذي تسلم "، و " اذهبا بذي تسلمان "، " واذهبوا بذي تسلمون "، " واذهبي بذي تسلمين "، و " اذهبا بذي تسلمان "، و " اذهبن بذي تسلمن ".
فالجواب في ذلك أن يقال: أما " آية " فإنما جاز إضافتها؛ لأنها بمنزلة الوقت، وذلك أن الوقت إنما جعل؛ ليعلم ترتيب الحوادث في كونها، وما يتقدم منها، وما يتأخر، وما يقترن وجوده بوجود غيره، والمقدار الذي بين وجود المتقدم منها والمتأخر، فصار ذكر الوقت علما له، وقع أم لم يقع، وما يقرن وجوده بوجود غيره، يكون كون أحدهما علامة لكون الآخر وقتا له.
ويدل على هذا أنك قلت: " إذا أذّن المؤذن فأتنى " فيصير أذان المؤذن وقتا لإتيانه وعلامة له، كما أنك لو قلت: " إذا كان يوم كذا فأتنى " فقد جعلت ذلك اليوم وقتا لإتيانه، وعلامة متى وجدها امتثل أمرك عند كونها، وكذلك إذا قال: " بآية يقوم " فقد جعل " يقوم " وقتا لما يريده فيصح أن يضيف العلامة إلى الفعل، كما تضيف الوقت؛ لأنهما
في التحصيل فيؤولان إلى شيء واحد.
وأما قولهم: " اذهب بذي تسلم " ففسر العلماء معناه، فقالوا: معناه: اذهب بسلامتك، والذي جوّز عندي إضافته إلى الفعل، أن معنى: ذي، إنما هو لذات الشيء، كما تقول: مررت برجل ذي مال، فذي هو الرجل وهو نعت له، وأضفته إلى " مال "، فإذا قلت: " اذهب بذي تسلم " فكأنك قلت: اذهب بيوم ذي تسلم، أو بوقت ذي تسلم، فذو هو اليوم والوقت، فلذلك جاز إضافته إلى تسلم، وأقمته فقام اليوم، فافهم هذا فإنه لطيف جدا.